لم يتخطى الجنرال أي من خطوط حمر الوطنية بخلاف بعض الزعماء اللبنانيين، ولم يقبل خلال قيادته العسكرية في الجنوب أو عماداً في اليرزة أو دولة رئيس أن يقابل أو يمازج العدو الاسرائيلي خلال غزوه لبنان سنة 1982 أو خلال تواجد العدو المخابراتي الرسمي أو الشبه الرسمي خلال سنين الحرب الاهلية الطويلة. والتزم بالسلم مع سوريا نظاماً وشعباً بعد انسحابها القصري من لبنان، بل انفتح على سوريا والعراق وفلسطين في دعوة مشرقية مناهضة للعنصرية والتكفير ومحاولات اسرائيل بما فلحت به من صهينة المنطقة وتقسيمها الى طوائف وجزئيات.

كذلك له الفضل الاكبر أو الوحيد في تحويل القسم الاكبر من الشعب اللبناني عن مشروع اسرائيلي الاهداف في لبنان الى مشروع وطني لبناني جامع ينطق بالمشرقية ووحدة المسار بين الاطراف الصامدة أمام الجرف والزحف العدائي الصهيوني ومشروع بناء دولة اصلاحية المنهج وعادلة المسار بين جميع مكوناتها.

كذلك كسر المعادلة الطائفية الثنائية الفاشلة ، وقد طوى الزمن عليها ومزقتها الحرب الاهلية اللبنانية وشرع في بناء اتفاقية ثقة وتفاهم في مشروع مقاومة العدو الاسرائيلي وحماية الحدود الجنوبية وتحرير الاراضي المغتصبة ودعم المقاومة اللبنانية كردة مشروعة ضد المعتدي الاسرائيلي وموقف لبناني رصين في الدفاع عن الارض وشعبها.

وقف سنة 2006 مع الشعب والمقاومة ضد المعتدي وانتصرت المقاومة ولم تتمكن اسرائيل احراز أي من أهدافها لتعلن لاحقاً عن خيبتها في مقارعة السلاح والمقاومة اللبنانية ، ونرى حتى اليوم ان ميزان القوى الردعي الذي ساد بين الطرفين حول الجنوب الى ساحة هادئة لا تشوبها أخطار التوغل أو الاحتلال، بل نرى أن حدودنا الجنوبية في عهدة جيشنا الوطني.

انتقل الجنرال من هذه المرحلة في اعادة بناء اللحمة الوطنية أو تركيبة السلطة واعادة تشكيل قمرة القيادة في التوغل في البحث عن تحالف ثلاثي الضلوع يؤمن مشاركة المكونات الطائفية الثلاثية في حلف مؤسس لتوازن الدولة والكيان ، ونجح بتحقيقه اليوم بالتحالف ومؤازرة سماحة السيد حسن نصرالله ودولة الرئيس سعد الحريري.

ذلك رغم كل التشكيك اليومي بجدية هذا التوجه من الاصدقاء والخصوم ناهيك عن الظروف الاقليمية الصعبة والمتفجرة العاصفة بلبنان والمنطقة على فلق الانشطار الكبير الذي يهدد الكيانات والدول والحدود .

وجاء هذا النجاح كبداية سارة لحلف يشمل اللبنانيين جميعاً بدون استثناء في قرار استصلاحي فريد لم ترى الجمهورية اللبنانية مثالها عبر تاريخها تتويجاً لقرار لبناني داخلي حر، كما فتح الباب لتسويات مماثلة يمكن الشروع فيها في المنطقة ككل وأعني في سوريا والعراق.

ان هذا الانتخاب الرئاسي الحر اللبناني هو بادرة خير عظيمة للبنان وأرى أنه سيكون بداية الحلول في لبنان والمنطقة . ان التسوية التي تمت سوف تقود لا محال الى نقطة توازن لا رجوع عنها وفاتحة خير للتسويات في المنطقة أيضاً. ترى ان زمن التسويات قد حل.