مع وصول ميشال عون الى سدّة الرئاسة، كان واضحاً أنه يريد لعهده أن يكون غير كلّ العهود، فإذا به يصطدم بالعقبات التي أخّرت ولادة الحكومة رغم أننا لا زلنا ضمن المهلة الزمنية الطبيعية لأي تأليف.

ولكن ربما لم يكن هذا ما أراده الرئيس عون، فبالسرعة نفسها لتكليف ​سعد الحريري​ تأليف الحكومة، ربما أراد أن تنجز المهمّة، سعياً لبدء الورشة الكبرى وإجراء الإنتخابات النيابية المقبلة على أساس قانون إنتخابي يرضي الجميع.

نسف الإنتخابات النيابية

في حين تؤكد مصادر مطلعة وجود حلحلة في الملف الحكومي، مشيرة إلى أنّ "رئيس مجلس النواب نبيه بري أبدى استعداده لإعطاء رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية من حصته في مقابل حصوله على حقيبتين وازنتين، في ظلّ كلام عن أنّ الأخير قد يقبل بوزارة التربية في نهاية المطاف"، لا يجد الكاتب والمحلل السياسي ​طوني عيسى​ في المساومات الحاصلة على خلفية تأليف الحكومة أمراً مستغرباً، حيث يشير إلى أنّها كانت تجري في كلّ العهود.

ولا يستبعد عيسى أن يكون "الهدف من تعنت بعض الأفرقاء في الملف الحكومي هو المساومة في مسألة القانون الإنتخابي"، معتبراً في نفس الوقت أن "الثنائي الشيعي أي أمل- حزب الله يهمه قانون الإنتخاب أكثر بكثير من الحكومة، إذ لا أحد يفكّر بالحصص داخل الحكومة اليوم بقدر الإنتخابات النيابية لأن المجلس المنتخب هو الذي سيحكم كلّ العهد".

لكنّ المحلل السياسي ​سركيس أبو زيد​ لا يعتبر في المقابل أنه "يمكن الربط بين التأخير في تأليف الحكومة من جهة وبين الإنتخابات النيابية المقبلة"، مشيراً الى أن "تعنت كل جهة بموقفها في الملف الحكومي الهدف الأساسي منه هو السعي لإثبات حجمها"، مضيفاً: "من الطبيعي أن يكون هناك شدّ حبال لتأليفها".

توزيع المغانم

"الفريق المحسوب على رئيس الجمهورية لا يسهل تشكيل الحكومة، وهذا أمر مستغرب ولا يصب في مصلحة العهد". هذا ما يراه أبو زيد، لافتاً الى أن "​القوات اللبنانية​" وبحكم الإتفاق الموقع بينها وبين "التيار الوطني الحر" ودعمها للعماد عون في معركته الرئاسية تسعى الى تكبير حجمها في الحكومة وأن تظهر وكأنّها "عراب العهد". ويشير الى أن "تكبير حجم القوات في الحكومة يضيق توزيع الحصص على الآخرين"، مشدداً على أن "الحكومة تعتبر الباب الأساسي للإنتخابات النيابية وسعي الأفرقاء للحصول على حقائب أساسية في الحكومة هو من أجل توزيع "المغانم" في الإنتخابات النيابية لكسب أصوات الناخبين".

أما عيسى فيعتبر أنه "إذا تأخّر تشكيل الحكومة أكثر فسنذهب الى تأجيل تقني للإنتخابات النيابية أو السير بالقانون الحالي"، لافتاً إلى أنّ "العقدة الأساسية أمام تأليفها لا تكمن بالتفاصيل بل بالأفكار، إذ هناك جماعات إعتادت تهميش المسيحيين منذ الطائف وقد اصطدمت بممارسة من نوع آخر مع الرئيس عون وبالتالي هم يحتاجون الى بعض الوقت لإستيعابه"، مشدداً على أن "القوى المسيحية التي استطاعت أن توصل رئيسا للجمهورية تستطيع بالحدّ الأدنى من التفاهم أن تؤمن تشكيل حكومة متوازنة لأن اللعب سابقاً كان يجري على التناقضات المسيحية".

يبدو من الواضح أن التأخر في تشكيل الحكومة سيؤدي إما الى إجراء الإنتخابات على القانون الحالي أو الذهاب لتأجيل تقني... فهل ينجح ميشال عون في كسب الرهان وإجراء الانتخابات على أٍساس قانون جديد يرضي الجميع؟!