لم تتأخر حكومة ​سعد الحريري​ بالحصول على ثقة المجلس النيابي، حتى ولو كان عدد النواب المقترعين على الثقة لم يتجاوز الـ87 نائبا، ولكن القضية ليست هنا، بل بالنواب الذين حجبوا الثقة عن الحكومة، وتحديدا نواب حزب الكتائب وإن غاب بعضهم عن الجلسة، فهؤلاء اعلنوا رفضهم منح الثقة للحكومة من خلال كلمة رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، فهل ينبع هذا الرفض من معارضة "النظام" و"الحكم"، أم ردا على "تحجيم" حزب الكتائب حكوميا؟.

لم تُقنع كلمة الجميل معظم المتابعين لها، فالحديث عن السيادة الناقصة ليس جديدا في قاموس حزب الكتائب، فعندما كانت الكتائب ممثلة في حكومة ​تمام سلام​ بـ3 وزراء لم تكن السيادة اللبنانية كاملة بنظرهم، ولم يكن حزب الله مجردا من سلاحه، كان مشاركا في الأحداث السوريّة، تقول مصادر سياسية متابعة. وتضيف في حديث لـ"النشرة": "حتى في ملف الفساد، فإن الكتائب شاركت بحكومة سلام رغم وجود هذا الفساد منذ أعوام، ولم تستقل منها بسببه كما أوحى البعض، بل لأسباب سياسية بحتة"، مشيرة الى أن الجميل قال بأن "الفساد بدأ بتشكيل الحكومة عند المطالبة بوزارات خدماتية"، سائلة: "ألم يكن هذا الحال موجودا إبان تشكيل حكومة سلام وقبلها كل الحكومات، وما الذي استجد اليوم"؟.

في هذا السياق يؤكد عضو كتلة "الكتائب" ​فادي الهبر​ أن المشكلة لم تكن بإعطائنا مقعدا وزاريا، فالمسألة تخطّت هذا الامر بأشواط، ونحن لم نكن لندخل الحكومة أصلا حتى لو عرضوا علينا حقائب مهمّة لو علمنا بأنها ستكون راجحة لمصلحة فريق الثامن من آذار وحزب الله كما هي عليه اليوم.

ويضيف الهبر في حديث لـ"النشرة": "ان هذه الحكومة تشكّل وصمة عار للعهد الجديد، فقد أظهرته من دون مصداقية"، مشيرا الى انه جرى "محاصرة "الكتائب" من قبل كتل سياسية تحت عنوان أنانية السلطة"، مشددا على أن استعادة الثقة لا تكون بهذا الشكل على الإطلاق".

"لا يمكن في لبنان ممارسة معارضة حقيقية بظل النظام السياسي اللبناني"، تؤكد المصادر، لافتة النظر الى أن النظام الطائفي يشكل عائقا جديا أمام العمل السياسي، ففي لبنان يسهل على "الحاكم" أن يتهم معارضيه "طائفيا" ويجمع حوله أعداد المؤيدين، حتى الذين يعارضون أداءه الحكومي، فالطائفة والمذهب فوق كل اعتبار لدى أغلب الشعب اللبناني". وتضيف المصادر: "تكون المعارضة فعالة عندما يكون في لبنان تحالفات حزبية واسعة، يشارك احدها في الحكم والآخرين في المعارضة، وعندها تتحول المعارضة الى الملعب السياسي المدعوم جماهيريا"، مشيرة الى أن التجارب الغربية رائدة في هذا السياق. وتتابع: "عن أي معارضة يتحدث السياسيون اللبنانيون وهم في غالبيتهم يشاركون في الحكم، حتى من بقي منهم خارج السلطة، كان مشاركا منذ أشهر ومن المرجح أن يشارك بعد أشهر"، مشيرة الى أن في لبنان لا وجود لمعارضة ومعارضين جديّين بل بعض المعارضين لعناوين معينة قد لا تناسبهم".

وهنا يشدد الهبر على أن حزب الكتائب حزب مبدئي وثابت بمعارضته، وتحديدا "للسيادة المنقوصة"، ومعارضة السيادة المتمثلة بوجود جيش "شيعي" في لبنان مغطى من قبل الأحزاب المشاركة في مجلس الوزراء. ويقول: "هناك تخالط على المستوى الدستوري وما جرى هو خلطة مصلحجيّة لم نوافق عليها".

يحلم اللبنانيون بوجود "معارضة" بنّاءة ترزع الخوف في نفوس "الحاكمين"، فهذه الطريقة هي الأمثل لتحسين الأداء الحكومي في لبنان، اذ لا يردع السياسي سوى خوفه على "مكانته" وهذا ما تؤديه المعارضة الحقيقية. فهل لدى حزب الكتائب القدرة على ذلك؟.