لم يتفق اللبنانيون على صيغة انتخابية جديدة تطيح بالنظام الأكثري "قانون الستين". كان يود رئيس مجلس النواب نبيه بري فرض صيغة جديدة ضمن سلة طرحها قبل الانتخابات الرئاسية. كان يعرف ان تأجيل البحث سيؤدي الى ابقاء الستين حياً يُرزق. هذا ما هو حاصل الآن. المسألة لا يتحمل مسؤوليتها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. تياره البرتقالي كان أعلن انحيازه لصيغة النسبيّة. لكن "المستقبل" و"التقدمي الاشتراكي" لا يسمحان بهذه الصيغة لانها تُعطي خصومهما تمثيلاً على حسابهما. لذلك تمّ طرح "المختلط" كحل وسط. ثم جاء "التأهيلي" كصيغة تريح المسيحيين. لكن كل المشاريع جرى الإطاحة بها، ليبقى القانون النافذ وحده ملك اللعبة الانتخابية. هذا ما مهّد له وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بحديثه عن عدم التأجيل والاعداد لانتخابات في وقتها على أساس القانون الحالي.

ثم كرّت المواقف في الساعات الماضية لإظهار كل النوايا المبيّتة لصالح "الستين". جولة "اللقاء الديمقراطي" على الكتل النيابية ستكون هي الأكثر وضوحاً واندفاعاً تجاه ابقاء القانون النافذ.

لم يخف "التقدميون الاشتراكيون" انحيازهم للستين، فكانوا منسجمين مع رأيهم قولاً وفعلاً. علما ان مفاوضات كانت بدأت بين "التقدمي" وحركة "امل" للوصول الى اتفاق. كان بري يعوّل على تعديل موقف النائب ​وليد جنبلاط​. لا يزال رئيس المجلس النيابي حتى الآن يشير الى تفهمه "هواجس التقدمي". لكن القوى السياسية الاخرى حشرت زعيم "اللقاء الديمقراطي" بمزايدات وعواطف انتخابية وصلت عند رئيس حزب "القوات" ​سمير جعجع​ للحديث عن "حلف رباعي" يضم "الاشتراكي" الى جانب "المستقبل" و"التيار" و"القوات"، بعد اعلان "الحكيم" تضامنه مع جنبلاط في غزل "تويتري".

بعملية حسابية بسيطة فإن خسائر جنبلاط في حال اعتماد "المختلط" لن تتجاوز ثلاثة او أربعة نواب هو بالأساس يعطيهم للحزب "الديمقراطي" (مقعد طلال إرسلان) وللكتائب (مقعد فادي الهبر) والوطنيين الأحرار (مقعد دوري شمعون) وللقوات (مقعد جورج عدوان).

بالنسبة لـ"المستقبل"، هناك سعي جدّي لابقاء "الستّين" انطلاقا من مصير مقاعد عدة تفوق العشرة يمكن ان يخسرها التيار الأزرق في حال تعديل القانون لاعتماد نسبية ما في الصيغة المطروحة.

شمَّر الآن كل المستفيدين من القانون النافذ عن سواعدهم وباشروا حملة مضادة ترد على المنادين بإعتماد صيغة جديدة. هنا تتحدث المعلومات عن اصرار عواصم غربيّة على اجراء الانتخابات النيابية اللبنانية في موعدها من دون اي تأجيل جديد أعطت دفعاً للتمسك بالصيغة القائمة. علماً ان مساعٍ داخلية رُصدت تحاول الإرجاء والتمديد سنة إضافية. لكن، لا امكانية للتأجيل ليوم واحد من دون إستيلاد صيغة جديدة.

عند القوى المسيحيّة تجري الحسابات الانتخابيّة بين تحالفات محتملة. اذا كان "التيار" و"القوات" يعدّان العدّة لخوض معركة ثنائيّة ضد الآخرين، فإن شخصيات وأحزاباً يستجمعون القوى للوقوف في وجه التحالف الثنائي. من هنا جاء التنسيق بين "الكتائب" و"الأحرار".

البترون ستكون صعبة امام "القوات" و"التيار" بعكس ما هو مُعلن. والكورة تترقب قرار فريد مكاري، فهل يكون مع "المردة" وحلفائه؟

ماذا عن طرابلس التي ستحصل فيها معركة قاسية؟ سيكون نجيب ميقاتي هو بيضة القبّان. تياره "العزم والسعادة" سيحدد موازين القوى نتيجة الصراع السياسي المفتوح بين تيار "المستقبل" ووزير العدل السابق اشرف ريفي. في الضنية والمنية لن يكون سهلا على "المستقبل" إلغاء جهاد الصمد وكمال الخير هذه المرّة.

المعارك ستمتد الى بشرّي ايضاً. خصوم "القوات" يُحَضِّرون انفسهم.

ماذا عن بعبدا وجزّين وزحلة والبقاع الغربي؟ هل ستكون التحالفات موضعيّة؟ هل يوزّع "حزب الله" أصواته كما فعل في الانتخابات البلديّة؟ هذا يعني ان "القوات" قد تكون ضحية "التحالف الرباعي" الذي ذكره جعجع.

كل الامور مفتوحة على كل الاتجاهات. وحده الواضح حتى الساعة أنْ لا تمديد للمجلس النيابي، ولا امكانية لصدور قانون جديد، ليبقى "الستين" حتماً.