فيما انتشرت معلومات حول توجّه الدوائر الرسمية المعنيّة إلى إلغاء أو إعادة مناقصة معاينة الميكانيك الأخيرة والتي فازت على اثرها شركة SGS، تتجه الأنظار إلى التبعات الاقتصادية التي قد تتولّد جرّاء تأخير البت في هذا الموضوع.

وبعد ما يقارب الشهرين على انتقال هذا الملفّ من الشارع إلى عهدة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومن ثم إلى الحكومة، انتقل هذا الملف إلى اللجنة الوزارية التي يرأسها رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ لبحث الموضوع وحلّه.

ولم تنجح هذه اللجنة حتى اليوم من حل المعضلة، خصوصاً بعد النقاش الحادّ الذي جرى بين المشنوق ووزير الاقتصاد ​رائد خوري​. فخلال إحدى الجلسات، اعترض خوري على السعر المرتفع معتبراً انه مخالف للقانون ودفتر الشروط، فدعاه حينها المشنوق الى الاستقالة من اللجنة "لأن اعتراضك قد يفسر دعما للمتعهّد السابق وليد سليمان، كي يلتزم مجدداً وهو صاحب بنك سيدرس الذي تعمل كرئيس مجلس ادارته". فرد الوزير خوري بالقول "لقد قدّمت استقالتي من المصرف بعد ان اصبحت وزيرا، ولن اتراجع عن موقفي برفض التلزيم، ولن اقبل السعر".

إذاً، انتقل الخلاف من مرحلة الى أخرى في لبنان، فهل ينجو الاقتصاد اللبناني وخزينة الدولة من هذه الدهاليز التي تبقى نهايتها مجهولة؟

"قبل دخولي إلى مركز ​المعاينة الميكانيكية​ في الحدث، كنت استبدل اطارات سيارتي ومصابيح الأضواء بأخرى جديدة من أحد المحلاّت القريبة من المركز، وعند خروجي منه، لأعيد القطع القديمة الى سيارتي مجدّدًا، وبهذا أكون قد نجحت في اختبار المعاينة دون أن أكون قد غيّرت أي شيء". هكذا يروي الخبير الاقتصادي ​ايلي يشوعي​ تجربته في المعاينة الميكانيكية التي يعتبرها دون فعالية اقتصاديّة أو عملانية، فـ"وجودها كعدمه".

ويشير يشوعي إلى أنه "من الجانب العملي، فالصورة التي تعوّدنا عليها في لبنان لهذه المراكز لا طعم لها، والدليل هو رؤيتنا على طرقات لبنان للعديد من السيارات التي لا تمتلك مصابيح الضوء إضافة للسيارات التي تصدر دخاناً أبيضاً ملوثاً"، عازياً السبب إلى "سوق الاستبدال" المنتشر في محيط كل المراكز، وبالتالي، حسب تعبير يشوعي، فإن الفعالية الاقتصاديّة هي للسماسرة قرب مراكز المعاينة وليست الدولة، مضيفاً "في هذه الأمكنة الدولة تضحك علينا ونحن نضحك عليها".

اقتصادياً، يعتبر يشيوعي أن "هذه المراكز ذات منفعة خاصة لبعض السياسيين في لبنان لأنهم لا يملكون أي مسؤوليّة عامة تجاه الأموال العامة والمواطنين"، مشيراً إلى أنه "رغم أن رأس الهرم نواياه طيبة الا ان ممارسة بعض الوزراء هي التي تؤثّر، وظهر ذلك في وجود نوايا كامنة من وراء الخلاف الذي حصل داخل اللجنة الوزارية المكلّفة دراسة ملفّ الميكانيك".

ويشدّد يشوعي على أن "التأخير في بتّ ملف مناقصة الميكانيك يؤثر على الاقتصاد نظرا للنقص في المداخيل التي تحصل عليها الدولة من هذه العملية، كما انه في حال تم اعادة المناقصة ورفض السابقة من دون العودة إلى مجلس شورى الدولة، فالدولة مجبرة حينها على دفع تعويضات للشركة الرابحة ما سيزيد الأعباء على الخزينة العامة وعلى المصاريف العامة ونحن غير مضطرين لدفعها"، ويشير إلى أن "الشركات الأجنبيّة ستفقد ثقتها بالدولة اللبنانية كطرف في أي عقد نتيجة ما حصل مع الشركة التي فازت".

في المحصّلة، نجد أن التأخير في حل مناقصة الميكانيك ليس فقط خطراً على سلامة السير في لبنان، بل هذا الخطر سينتقل إلى الإقتصاد اللبناني إن لم تحل القضية بطريقة تراعي جميع القطاعات.