كشفت الحركة البيئيّة اللّبنانيّة، أن ​وزارة الطاقة والمياه​ تخالف القوانين والتشريعات المحليةّ والإتفاقيات الدولية المتعلّقة بالتنمية المستدامة وبالتغيّر المناخي وذلك بإصرارها على بناء سدّ في منطقة مصنّفة موقع طبيعي محميَة من وزارة البيئة، تحوي مواقع أثرية عديدة تعود للعهود الفينيقية، الرومانية، العثمانية ومعالم دينيّة قديمة، بالإضافة إلى أنّ هذا المشروع سيقضي على مئات آلاف الأشجار المثمرة والحرجية وعلى أراضٍ شاسعة وسهولٍ زراعيّة خصبة أصبحت نادرة في أيامنا هذه، كما أنّ بناء السد على فالق روم الخطر سيساهم في تحريك هذا الفالق وتعريض القرى المجاورة ومدينة بيروت لزلازل تهدّد السكان والسلامة العامة.

وعددت الحركة البيئية في بيان، المخالفات إستناداً للمادة 4 من قانون حماية البيئة رقم 444، مشيرة الى مخالفة مبدأ الاحتراس الذي يقضي باعتماد تدابير فعالة ومناسبة بالاستناد إلى المعلومات العلميّة وأفضل التقنيات النظيفة المتاحة الهادفة إلى الوقاية من أي تهديد بضرر محتمل وغير قابل للتصحيح يلحق بالبيئة، كما مبدأ العمل الوقائي لكل الأضرار التي تصيب البيئة، من خلال استعمال أفضل التقنيات المتوفّرة، وكذلك مبدأ الحفاظ على التنوع البيولوجي الذي يقضي بأن تتفادى النشاطات كافة إصابة المكونات المختلفة للتنوع البيولوجي بضرر.

وأضاف البيان ان المخالفة تطال مبدأ تفادي تدهور الموارد الطبيعية، الذي يقضي بأن تتفادى كل النشاطات التسبب بأي أضرار غير قابلة للتصحيح للموارد الطبيعية كالماء والهواء والتربة والغابات والبحر والأنهر وغيرها، كما تخالف وزارة الطاقة والمياه قرار وزارة البيئة رقم 1/131 الصادر بتاريخ 1/9/1998 القاضي بتصنيف الموقع المعروف بمجرى نهر الاولي ابتداءً من منطقة الباروك مع روافده مروراً بوادي بسري وحتى مصبه في منطقة الاولي من المواقع الطبيعية الخاضعة لحماية وزارة البيئة.

كذلك تخالف وزارة الطاقة والمياه المرسوم رقم 8213/ 2012 كونها رفضت دراسة التقييم البيئي الاستراتيجي للاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه والتي وافقت عليها وزارة البيئة وبدأت بتنفيذ هذه الاستراتيجية دون احترام الدراسة الصادرة وتوصياتها من جهة أو حتى إجراء دراسة جديدة لعرضها على وزارة البييئة من جهة أخرى، علماً أن أبرز توصيات دراسة التقييم البييئي الاستراتيجي للاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه هي تحديث الاستراتيجية بعد تقييمها، وتحديداً النظر في تقليص حجم برنامج السدود، وتكثيف الحوار الوطني للمياه من خلال إنشاء المجلس الوطني للمياه بالاضافة الى إستثمار المصادر البديلة للمياه قبل اللجوء إلى السدود كما أنه بحسب دراسة الأثر البيئي الاستراتيجي، فإن إنشاء ​سد بسري​ سيؤدي إلى استملاك مئات العقارات الخاصة مما قد يؤثر سلباً على مستوى المعيشة في المنطقة كون التعويض ليس كافياً للمتضررين. كما قد يعيق السد الوصول إلى أراض أخرى غير مستملكة ما يمنع أصحابها من الإستفادة منها. كل ذلك سيؤدي إلى إفقار أهل المنطقة.

ويتابع البيان بالتشديد على انّ دراسة الأثر البيئي لسد بسري تخالف مرسوم أصول تقييم الأثر البيئي رقم 8633/ 2012 فيما يتعلّق بوجوب إطلاع العامة عليها وعلى المشروع لتمكينهم من إبداء الرأي به. إذ لم يحضر اللقاءات إلا 0.083% من مجمل عدد سكان المنطقة و5.69% من مجمل عدد مالكي الأراضي بحسب محاضر الجلسات كما لم تتم دعوة الجمعيات البيئية المتخصصة. فإستناداً للمادة 7 والملحق رقم 5 من المرسوم رقم 8633 "أصول تقييم الأثر البيئي"على صاحب المشروع الذي يستلزم دراسة "تقييم أثر بيئي" إبلاغ المعنيين بالمشروع بما فيهم المجموعات والأفراد المتضررين والجمعيات البيئية، ووفقاً لتقارير الإجتماعات مع المعنيين الواردة في دراسة تقييم الأثر البيئي، جاء الموقف العام من جميع الحضور في المناطق الأربعة معارضاً بقوة لبناء سد بسري.

وذكرت حركة البيئة اللبنانية ان بموجب دراسة تقييم الأثر البيئي، يلتزم صاحب كل مشروع بالتعويض عن الخسائر البيئية التي يتسبب بها مشروعه، من هنا نتساءل كيف سيتم التعويض عن هذه المساحة الشاسعة من الأراضي الغنيّة بالتنوع البيولوجي، ومئات آلاف الأشجار المثمرة والحرجية والسهل الزراعي الخصب ومئات المواقع الأثرية المعروفة تارخياً بوادي أشمون في منطقة مصنفة موقع طبيعي وموقعاً مهماً لاستراحة الطيور المهاجرة سوف يقضي عليها سدّ بسري.

اما دراسة تقييم الأثر البيئي التي أجريت لمشروع سد بسري فتستند على دراسة سريعة غير كاملة للتنوع البيولوجي في منطقة إنشاء السد إذ ارتكزت على موسم وفصل واحد من السنة في دراسة أنواع الطيور والنباتات، في حين يخالف هذا المشروع إتفاقية باريس للتغير المناخي إذ تعتبر بحيرات السدود الكبيرة مصدراً لانبعاث غاز الميتان الذي يحبس أشعة الشمس 25 مرة أكثر من ثاني أكسيد الكربون، فضلا عن ان المشروع يخالف أهداف التنمية المستدامة - 2030 بما فيها الهدف رقم 6 الذي ينص على وجوب حماية وترميم النظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه، بما في ذلك الجبال والغابات والأراضي الرطبة والأنهار ومستودعات المياه الجوفية والبحيرات، بحلول العام 2020.

ولفت بيان حركة البيئة، الى ان بإصرارها على سياسة السدود، تخالف وزارة الطاقة رأي مركز الأبحاث الجيوفيزيائية التابع للمركز الوطني البحوث العلمية الذي يعتبر المرجع الأعلى لرصد الهزات والزلازل في لبنان والذي حذر من إنشاء السدود في جبال لبنان وطالب بإيجاد مصادر أخرى لتأمين المياه لبيروت.

ويختم البيان بالإشارة إلى أن سدّ بسري موضوع دعوى في مجلس شورى الدولة تقدّم بها متضررون من السّد ومن الأجدى إنتظار القرار القضائي النهائي قبل البدء بالأعمال والإستملاكات.