اعتبر عضو ​الائتلاف السوري​ المعارض ورئيس المجلس الوطني السوري السابق ​عبد الباسط سيدا​ ان "المسألة السورية باتت ساحة للتنافس وترتيب الحسابات والوصول الى توافقات على المستويين الإقليمي والدولي بين ​الولايات المتحدة الاميركية​ و​روسيا​ الاتحادية"، لافتا الى ان "السوريين بكل مواقفهم خارج المعادلة، فيما الدول الإقليمية تلهث من أجل الا تخرجها التوافقات الاميركية-الروسية خارج المعادلات المؤثرة".

وأشار سيدا في حديث لـ"النشرة" الى ان "التوافق الخاص بالمنطقة الجنوبية كان مقدمة لتوافق الغوطة"، مرجحا ان يكون "هذا الأخير مقدمة لتوافقات أخرى، هذا ما لم يحدث أي تغيير في الموقف الاميركي الراهن بناء على الجدل الداخلي المتمحور حول طبيعة العلاقة مع الروس، وحول مدى وحدود التغلغل الروسي ضمن المفاصل المؤثرة على الادارة الاميركية وفيها". وأضاف: "السوريون جميعاً يعانون من الإنهاك ويبحثون عن خلاص لا يمتلكون بكل أسف مفاتيحه".

لحل إبداعي توافقي

وتطرق سيدا لما تم التداول به مؤخرا من مشروع حل أميركي عرضه الاميركيون على الروس وقيل انّهم وافقوا عليه، فقال: "سمعنا كغيرنا عن هذا المشروع. لم نطلع عليه بعد. ولكن المؤكد هو ان الأمور لن تكون في ​سوريا​ المستقبل كما كانت عليه في سوريا التي تحطمت".

واعتبر ان "(الرئيس السوري) ​بشار الأسد​ بدوره ومكانته الرمزية ما زال العقدة"، مشيرا الى ان "غالبية السوريين يَرَوْن ان لا حل ببقائه، ولكن الموالين له يتمسكون به، وهناك قسم ثالث من السوريين من لا يؤيده ولا مانع لديهم من رحيله او بقائه". وأضاف: "اما المجتمع الدولي فغير حاسم والدول المؤيدة للشعب السوري تغيرت أولوياتها تبعاً للظروف والتطورات".

ورأى انّه "لا بد هنا من البحث عن حل إبداعي توافقي يسحب الصلاحيات الشمولية من بشار الأسد، ويمهّد لعملية انتقال سياسي حقيقية تحترم تضحيات وتطلعات السوريين بعيدا من الاستبداد و​الارهاب​".

وضع ادلب المقلق...

ووصف سيدا الوضع في ادلب بـ"المقلق جداً" لافتا الى ان "هناك كثافة كبيرة من المدنيين، ولكن في الوقت ذاته هناك تواجد لافت للفصائل المتشددة خصوصًا هيئة التحرير الشام اي ​جبهة النصرة​ سابقاً". واضاف: "وقد عززت المعارك التي جرت بين ​أحرار الشام​ والهيئة مواقع الاخيرة".

وأشار سيدا الى ان "الوضع في ادلب بات يقلق الجميع خاصة المدنيين الذين يخشون من مصير مشابه لمصير حلب، في ظل الأوضاع الدولية المتوافقة على قطع دابر المتشددين"، لافتا الى وجود "تذمر شعبي هائل من تصرفات الهيئة بعد ان انكشفت كل اوراقها. ولكن الخشية هي من ان يتحول المدنيون الى رهينة وضحية في صراعات قادمة".

واعتبر ان "الحكمة تستوجب خروج المشددين من المنطقة"، وتساءل: "لكن هل من دور للحكمة في عالم تسوده الاجندات الخارجية والغرائب الهيستيرية"؟ وأضاف: "كان الله في عون الأهل في ادلب".

الهدنة وعودة اللاجئين

وردا على سؤال عن ملف اللاجئين السوريين في ​لبنان​، شدد سيدا على انّه "ضد خروج أي إنسان من بلده اذا كان ذلك ممكناً، لان المِحنة الكبرى تبدأ مع الخروج ليواجه المرء المتاعب والمظالم والصعوبات والإذلال اليومي، لا سيّما اذا باتت قضية اللاجئ ميداناً للمزايدات والحسابات السياسية وإشباع العقد الغرائزية المكبوتة".

ورأى ان "لبنان بلد صغير، امكانياته محدودة، شعبه ودود تربطنا وإياه الجغرافيا والتاريخ والمصالح والقرابة والذكريات المشتركة، ولكنه محكوم ايضاً بعقليّة متجبّرة تمارسها حفنة من السياسيين الانتهازيين، الذين يبدو انهم يحاولون تسجيل النقاط الرخيصة على حساب معاناة اللاجئين السوريين". وقال: "طبعاً هناك الكثير من السياسيين اللبنانيين ومن جميع الطوائف والتوجهات السياسية اللبنانية لهم مواقف مشرّفة نعتز بها، نسجلها ولن ينساها شعبنا الوفي بطبعه".

وذكّر سيدا بأن "خروج السوريين من بلدهم ودخولهم الى لبنان لم يكن طوعياً، ولم يكن في إطار مؤامرة تستهدف اي تغيير ديموغرافي في لبنان كما يزعم البعض، ولم يكن بهدف التضييق على المنتجين اللبنانيين كما يدّعي بعضهم الآخر، وإنما كان بفعل جرائم النظام ووحشيته التي تجاوزت كل المقاييس". وأضاف: "لكن الانسان في الكثير من الأحيان يختار تحمل القسوة للتخلص من الذلّ. وهذا هو حال الكثير ممن فضلوا العودة".

ورجّح سيدا ان تشجع أي هدنة تعقد اليوم بفعل التوافق الاميركي-الروسي الكثيرين على العودة، واعتبر ان "هذا امر مطلوب ولصالح الجميع"، لكنّه شدد على أهمية "حماية المدنيين والحافظ على كراماتهم من دون ان يفسر ذلك بانه انتصار لنظام بشار الاسد الذي حطم سوريا على المستويين المجتمعي والعمراني".