نجح رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ وقبل جلسة ​مجلس الوزراء​ الأخيرة التي انعقدت في ​قصر بعبدا​ برئاسة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، بنزع فتيل سجالات حادة بين مكونات هذه الحكومة حول معارك ​جرود عرسال​ ودور ​حزب الله​ والجيش فيها، حيث أكد ان ما يهم لبنان هو تحرير الاراضي اللبنانية من ​الإرهاب​ .

ورأت مصادر سياسية ان بعض الأصوات التي طالبت بتحقيق في كيفية خروج سجناء من ​سجن رومية​ ومن أعطى امر اطلاق سراحهم، يدخل في اطار مزايدات لا تقدّم ولا تؤخر في مجريات الامور، خصوصًا وان الحريري أكد ان أحد المُفرج عنهم انتهت محكوميته، وان الآخرين غير متورطين في سفك دماء لبنانية .

وتعتقد المصادر نفسها ان من اهم أسباب تفادي ​الدولة اللبنانية​ ارباكات سياسية بسبب اوضاع امنية محددة، هو التفاهم التام القائم بين رئيسي الجمهورية والحكومة، حول نقطة محدّدة رددها ويرددها هذا الاخير دائما، وهو ان الخلاف السياسي مع حزب الله موجود، ولن يزول بسهولة في ظل الاوضاع القائمة، لكن الأساس هو وضع هذه الخلافات جانبا، والتركيز على إنجازات تهم مصالح المواطنين، وعلى وضع خطط لإنقاذ اقتصاد البلاد .

ولفتت المصادر الى ان تطورات الحرب السوريّة ميدانيا، وتبدل مواقف الدول الكبرى، وكذلك دول الخليج العربي، والبعض من العواصم العربية، من مجريات هذه الحرب، والتركيز على دحر الإرهاب، وحصول نوع من ​الهدنة​ في ما يتعلق بمصير النظام السوري ورئيسه ​بشار الاسد​، الذي كان اولوية عند خصوم هذا النظام لجهة رحيل رئيسه، ساعد الزعماء اللبنانيين على تبديل أولوياتهم السياسية ووضع نصب اعينهم ترتيب البيت الداخلي، الذي كاد ان ينهار لو لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية .

وقالت المصادر ان المناكفات داخل الحكومة حول التعيينات أو أي أمور وملفات داخلية ليست غريبة عن مجريات السياسة اللبنانية في كل العهود، ولكن ضمن لعبة ديمقراطية لم تؤدِّ الى زعزعة الاستقرار، اللهم الا اذا كان هناك مشكلة سياسية أو أمنية كبرى .

ولفتت المصادر الى ان التركيبة السياسية الحالية للحكومة متينة، وتضم تحالفا قويا بين ​التيار الوطني الحر​ و​تيار المستقبل​ يضاف إليهما الثنائي الشيعي و​الحزب القومي​، بحيث يصعب على القوات و​تيار المردة​ ان يؤثرا على مصيرها، او تؤدي اعتراضاتهما مهما كان نوعها الى استقالتها او تعطيل أعمالها .

ولا تتخوف المصادر وفي ظل الوضع القائم من حولنا سواء في سوريا او غيرها من الدول التي تشهد نزاعات مسلحة، ان يتزعزع التحالف العوني-المستقبلي الذي هو الركيزة الاساس لبقاء الحكومة، إذ وفق ما تشير اليه المعطيات فإن العواصم الخليجية التي يدور الحريري في فلكها السياسي تؤمن له غطاء كاملا وتتفهم مواقفه اللبنانية الداخلية .

وتخلص المصادر الى ان الانتخابات النيابية المقبلة التي لا بد ان تحصل في موعدها لان عدم حصولها سيؤثر على مسيرة العهد بكامله، لكن نتائجها التي يعول عليها البعض لجهة اعادة رسم الخريطة السياسية الجديدة للبنان، لن تؤدي الى تبدلات جوهرية في الخريطة القائمة حاليا، الا اذا حصلت تطورات دراماتيكية تؤدي الى تبدل جذري في الاوضاع السورية وتترك تداعيات على حزب الله في الداخل اللبناني .