حذّر الرئيس الفلسطيني ​محمود عباس​ الإحتلال الإسرائيلي من جر الصراع في المنطقة إلى صراع ديني.

وهدّد الرئيس "أبو مازن" بحل السلطة الوطنية الفلسطينية، وتحمّل الإحتلال الإسرائيلي لتبعات احتلاله للأراضي الفلسطينية، فلم يعد بالإمكان الاستمرار كسلطة دون سلطة، أو أنْ يستمر الإحتلال دون كلفة.

الرئيس عباس حدّد خارطة طريق فلسطينية خلال الخطاب الذي ألقاه من على منبر "الأمم المتحدة" في الدورة الـ72، المنعقدة في واشنطن، والذي تابعه العالم نظراً إلى أهميته.

وجاء الخاطب التاريخي بعد ساعات من لقاء الرئيس عباس بنظيره الأميركي دونالد ترامب في نيويورك.

وأعرب الرئيس الفلسطيني عن شكره للرئيس ترامب للقائهما الرابع خلال العام الأوّل من ولايته "وإن دلَّ ذلك على شيء إنّما يدل على جديته بأنّه سيأتي بصفقة العصر للشرق الأوسط خلال العام أو الأيام المقبلة، وكلّنا ثقة بأنّ الرئيس ترامب مصمّم على الوصول للسلام في المنطقة، وهو ما سيعطينا التطمينات بأنّنا

سنبلغ السلام الحقيقي مع الشعب الإسرائيلي".

وذكّر بأنّه "التقى مبعوثي الرئيس ترامب، الذين زاروا المنطقة 20 مرّة ما يدل على الاهتمام لإيجاد حل لهذه القضية".

وعُلِمَ من مصادر مطلعة بأنّ الجانب الفلسطيني رفض اقتراحاً أميركياً بإصدار بيان مشترك إثر اللقاء، لعدم تضمينه إشارة واضحة بإنهاء الإحتلال وتنفيذ حل الدولتين.

حضر اللقاء عن الجانب الفلسطيني كل من: نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، الناطق الرسمي بإسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، مستشار الرئيس الدبلوماسي مجدي الخالدي، مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور ورئيس المفوضية العامة لـ "منظّمة التحرير" في واشنطن السفير حسام زملط.

وقد قاطع زعماء العالم خطاب الرئيس عباس التاريخي، الذي ألقاه في "الأمم المتحدة"، بالتصفيق الحاد مرّات عدّة، وذلك تأكيداً على الدعم لحقوق الشعب الفلسطيني والتفاعل مع مضمون الخطاب.

وشدّد الرئيس "أبو مازن" على أنّ "استمرار الإحتلال لأراضي دولة فلسطين يُعتبر وصمة عار في جبين إسرائيل أولاً، وفي جبين المجتمع الدولي ثانياً"، مؤكداً أنّه "يقع على عاتق الأمم المتحدة مسؤولية قانونية وسياسية وأخلاقية وإنسانية لإنهاء هذا الإحتلال، وتمكين شعبنا من العيش بحرية في دولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967".

وقال: "لقد اعترفنا بدولة إسرائيل على حدود العام 1967، لكن استمرار رفض الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بهذه الحدود يجعل من الاعتراف المتبادل الذي وقّعناه في أوسلو عام 1993 موضع تساؤل".

وأضاف: "لقد حذّرنا في الماضي ولا نزال من ممارسات إسرائيل بشأن فرض الحقائق الاحتلالية في مدينة القدس الشرقية، وقلنا إنّ هذه الممارسات تؤجّج مشاعر العداء الديني الذي يمكن أنْ يتحوّل إلى صراع ديني عنيف، وطالبنا الحكومة الإسرائيلية باحترام الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات في المدينة، ولكن الحكومة الإسرائيلية، ومنذ أن احتلت القدس عام 1967، قامت بضمها بقرار من طرف واحد، رفضناه في حينه، ونرفضه اليوم كما رفضه العالم بما في ذلك مجلس الأمن".

وأوضح الرئيس عباس أنّ "ما تقوم به إسرائيل من تغيير للوضع القائم التاريخي في القدس، والمس بمكانة المسجد الأقصى على وجه الخصوص، هو لعب بالنار، واعتداء على مسؤولياتنا ومسؤوليات الأردن الشقيق"، محذّراً "الحكومة الإسرائيلية من مغبته ونحمّلها المسؤولية الكاملة عن تداعياته، لذا لا يمكننا كفلسطينيين أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا الخطر الداهم، وقد نجد أنفسنا مضطرين إلى اتخاذ خطوات، أو البحث في حلول بديلة لكي نحافظ على وجودنا الوطني، وفي ذات الوقت نُبقي الآفاق مفتوحة لتحقيق السلام والأمن".

وحثَّ المجتمع الدولي "على مواصلة تقديم الدعم الاقتصادي والمالي للشعب الفلسطيني ليتمكن من تحقيق الاعتماد على الذات"، داعياً "الدول كافة إلى إنهاء كل أشكال التعامل المباشر وغير المباشر مع منظومة الاستيطان الاستعماري

الإسرائيلي غير القانونية في أرض دولة فلسطين"، مشدّداً على أنّ "استمرار الاستيطان والتنكر لحل الدولتين يشكل خطراً حقيقياً على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي ويفرض علينا مراجعة استراتيجية شاملة".

وذكّر بأنّ دولة فلسطين "طلبت من المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق قضائي مع المسؤولين الإسرائيليين حول الاستيطان والاعتداءات، وسنواصل الانضمام للمواثيق والمؤسسـات والبروتوكولات الدولية، إذ إن فلسطين أصبحت دولة مراقباً وفقاً لقرار الجمعية العامة 67/19/2012".

وطالب الأمم المتحدة بـ"العمل الحثيث والجاد من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين خلال فترة زمنية محددة"، مؤكدا أنه "لم يعد كافياً إصدار البيانات الفضفاضة التي تدعو إلى إنهاء الإحتلال وتحقيق السلام من دون سقف زمني لذلك، وتطبيق المبادرة العربية للسلام، بما يشمل قضية اللاجئين حسب القرار 194".

وجدّد الدعوة إلى "ضرورة وقف النشاطات الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة كافة، كما نصت على ذلك قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي كان آخرها قرار 2334 لعام 2016، بالإضافة إلى منطوق اتفاقية جنيف الرابعة، وتوفير الحماية الدولية لأرض وشعب دولة فلسطين".

وختم الرئيس الفلسطيني بالإشارة إلى أنّ "دولة فلسطين سوف تقوم بصياغة مجموعة من المطالب في مشاريع قرارات، وحسب الأصول، وتقديمها للجمعية العامة للأمم المتحدة"، معرباً عن أمله بأن "تحظى بالدعم اللازم من قبل الجميع حفاظاً على بقاء حل الدولتين وفرصة تحقيق السلام، وحرصاً على توفير الأمن

والاستقرار والازدهار للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، ولشعوب ودول المنطقة بشكل عام".