سألت مصادر سياسية محايدة، لماذ التفاهم بين الامين العام ل​حزب الله​ السيد حسن نصرالله والتيار البرتقالي ورئيسه سابقا ورئيس الجمهورية حاليا العماد ​ميشال عون​ صامدا ويتعزَّز يوما بعد يوم، فيما العلاقة بين رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​، حليف الحليف، وعون ليست على ما يرام، وقد ازداد التباعد بين الاثنين بعد وصول الاخير الى سدة الرئاسة، بالرغم من الكلام عن وجود تفاهم كامل بين الثلاثة على الامور الاستراتيجية الكبرى .

مصادر في ​التيار الوطني الحر​ رأت ان التباين بين بري وعون حول العديد من الملفات الداخلية، وحتى الخارجية، موجود منذ عودة هذا الاخير من منفاه في ​باريس​، مشيرة الى التضامن الذي كان قائما بين بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب ​وليد جنبلاط​، ولا يزال حتى هذه الايام، في التصدي للتيار البرتقالي ورئيسه منذ الانتخابات النيابية الاولى عام 2005، والتي وصفها الزعيم الدرزي "بالتسونامي" وتخوف من نتائجها بالنسبة لادارة الحكم في البلاد، والذهنية التي كانت قائمة قبل هذا التاريخ .

وذكرت هذه المصادر كيف ان هذا التخوف أدى الى قيام حلف رباعي قوامه الثنائي الشيعي-​حركة امل​ وحزب الله، والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​، بهدف الوقوف في وجه عون وشعبيته، لكن نتائج الانتخابات لم تأت كما كان يرغب اهم مكونات هذا التحالف اي بري وجنبلاط.

ولفتت المصادر الى ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله راقب تطورات تلك المرحلة، وطريقة تعاطي القوى المتحالف معها، مع الزعيم المسيحي الجديد، الذي كان احد أعمدة قوى الرابع عشر من اذار، وخاصة ​تيار المستقبل​ الذي كان عون قد بدأ ينسج معه نوعا من التفاهم، لكن إيحاءات خارجية، وبالتحديد السعودية، فرضت على التيار الأزرق الابتعاد عن عون، عبر قنوات عدة، أدت الى تفاهم ​مار مخايل​ الذي لا يزال صامدا، ويتعزَّز يوما بعد يوم، حتى بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية .

وتعترف المصادر بأن العلاقة بين السيد حسن نصرالله والرئيس ميشال عون عندما كان رئيسا ل​تكتل التغيير والإصلاح​، لم يشهد المسرح السياسي ال​لبنان​ي مثيلا لها، من الصدق والتعاون بين الرجلين، ووقوف حزب الله الى جانب عون في كل مراحل تشكيل الحكومات، عكس مواقف الآخرين، وهذا ما أدى الى مشاركة تكتل التغيير والإصلاح في كل الحكومات، ولكنه لم يتمكن من تبديل ذهنية الحكم التي كانت قائمة، وتحمّل نتائجها السلبية .

وذكرت المصادر بمواقف حركة امل ورئيسها المناهضة لمواقف عون في كل المجالات، سواء في التعيينات الإدارية، او في المجلس النيابي، وتجاهل اقتراحات القوانين التي يقدمها عون والتكتل، اضافة الى اجهاض عمل ​المجلس الدستوري​ للنظر في الطعن الذي قدمه التيار الوطني الحر والمتعلق ب​التمديد​ للمجلس النيابي، وعدم تطبيق ​الطائف​ باعتراف جميع من توالى على السلطة .

وتقول المصادر، اليوم وبعد وصول عون الى ​رئاسة الجمهورية​، وهو اول رئيس لبناني لديه كتلة نيابية وازنة في المجلس النيابي، وبشعبية مسيحيّة مؤثرة في الرأي العام المسيحي، نلاحظ ان نتائج ​الانتخابات الرئاسية​ التي جاءت عكس تمنيات رئيس السلطة التشريعية، جعلت من هذا الاخير اكثر تشدّدا في مواجهة العهد، متناسيا ان مقاربة الملفّات الداخلية بنفس الذهنيّة التي كانت قائمة لم يعد مقبولا. واشارت الى ان لبنان لا يزال معرّضًا في أيّ وقت ل​إعصار​ سياسي، ولتسويات تعدّ لها مطابخ دولية، ربما يدفع ثمنا باهظا بسببها، وان مواقف رئيس الجمهورية هي التي ستحمي البلاد من اي مخططات تجرّه الى حروب داخليّة مدمرة، وأن مثل هذه السياسة هي التي ستحمي لبنان، وتؤمن استقرار المؤسسات وعملها، بما فيها السلطة التشريعية، التي يقول بري انها مهدّدة !.

وخلصت المصادر الى القول انه لا يكفي ان يقول رئيس المجلس النيابي انه على علاقة جيدة مع سيد العهد، وانه اتصل به وهنأه على موقفه في ​الامم المتحدة​، وانه سيتصل به بعد عودته من باريس، بل المرحلة تتطلب ان يضع يده بيدِه ويتفاهم معه كما التفاهم القائم مع الامين العام لحزب الله، في كل الملفات الداخلية الشائكة، وعدم التوقف عند مسألة ان انتخاب عون رئيسا للجمهورية حصل دون رضاه وموافقته .