تراجعت المخاوف من تمديد رابع للمجلس النيابي الى ادنى مستوياتها في الاسبوعين الماضيين مع تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات ورصد الحكومة الاعتمادات اللازمة لتمويل العملية، اضافة الى المواقف المتكررة لرئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ الجازمة بحصول الاستحقاق النيابي في شهر ايار المقبل وان متأخرا عن موعده الدستوري 5 سنوات!.

وان كان هناك من لا يزال يعوّل على ​البطاقة الممغنطة​ أو البيومترية للنفاذ منها الى تمديد جديد، الا أن هذا الفريق الأزرق يبدو أضعف من أي وقت مضى لفرض شروطه أو تحقيق تمنياته، خاصة وأن مصالحه هذه المرة لا تتلاقى مع مصالح أي من القوى السياسية الأخرى. وقد بدأ المعنيون بالانتخابات من أحزاب وماكينات ومرشحين جدد فعليا استعداداتهم للاستحقاق منذ ما يُقارب الشهر. ولعل المفاوضات والنقاشات بخصوص تحديد أسماء المرشحين كما بخصوص التحالفات الانتخابية لم تتفعل يوما كما هي بالوقت الراهن، بحيث وضعت على نار حامية على ان تتبلور الصورة بشكل غير نهائي خلال شهرين، على ان نكون مع مطلع العام المقبل مع مشهد أوضح وأشمل للتحالفات النهائية.

ويبدو رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ وتياره السياسي الحلقة الأضعف مع انطلاق موسم المزايدات الانتخابية، باعتبار ان معظم الظروف السياسية لا تصب لمصلحته، اضافة لتصويب أخصامه على نقاط ضعفه للاستثمار فيها، والقضاء على ما تبقى من قواعده الشعبية. وقد نجح هؤلاء مؤخرا، باستخدام ورقة التطبيع مع النظام السوري للتأثير على الشارع السني الممتعض أصلا مما آلت اليه الأوضاع في سوريا والمنطقة، والذي يرى ان اعتماد الحريري "سياسة النعامة" لمواجهة فرض جزء من حكومته التواصل مع النظام السوري كأمر واقع، يُشكل صفعة جديدة له سيُحاسبه عليها في صناديق الاقتراع.

ولا يخطط ​حزب الله​، وفق مصادر مقربة منه، لتوجيه ضربة قاضية للحريري من خلال التمادي بفرض التطبيع مع النظام، وان كان لن يتوانى بتوسيع القنوات المفتوحة على المستويات كافة. وتشير المصادر في هذا السياق، الى أن آخر ما يريده الحزب بالمرحلة الراهنة تطيير هذه الحكومة، ومن هنا حرصه على حفظ ماء وجه الحريري من خلال عدم مطالبته بموقف حكومي واضح من ملف العلاقات اللبنانية-السورية. وتضيف المصادر: "سمعنا الكثير من الصراخ في الآونة الأخيرة، وهو صراخ نفهمه تماما وقد نجده مبررا بالنسبة للفريق الآخر، لكن هل من رأى أو لمس ما هو أكثر من الصراخ"؟.

وبالرغم من اعتماده الكلي على سياسة توزيع الادوار داخل فريقه وهي سياسة باتت واضحة ومكشوفة، وبدت جليّة مؤخرا مع تولي وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ التصعيد بوجه وزير الخارجية جبران باسيل بعد لقائه نظيره السوري ​وليد المعلم​ في نيويورك، الا أن الحريري يبدو تماما في شارعه أشبه بـ"المغلوب على أمره"، ما قد يستدعي تعاطف الجمهور معه في الانتخابات المقبلة.

وبحسب مصادر مواكبة للحراك الحاصل على مستوى الشارع السني، فان "ارتباك الحريري في التعامل مع ​ملف النازحين السوريين​ يُساهم في القضاء على ما تبقىمن رصيده السياسي والشعبي، فهو غير قادر على السير بالنهاية في هذا الملف لجهة مجاراة "​التيار الوطني الحر​" بما يُشبه فرض ترحيل النازحين، كما انّه بالوقت عينه محرج أمام شارعه الذي بات يئن من الضغوط الهائلة التي يتعرض لها نتيجة احتماله العبء الأكبر من النزوح السوري وتداعياته".

ويعول رئيس الحكومة الشاب حاليا على الجو الدولي والاقليمي الجديد الضاغط على ايران وحزب الله وعلى احتضان الأطراف المعادية للحزب له، من خلال تولي ادارة وتمويل حملته الانتخابية التي قد تكون هذه المرة الأعلى من حيث الكلفة نظرا لحجم الخيبة المسيطرة على الجمهور السني.

ويبقى خيار الاستقالة من الحكومة قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات المقبلة على خلفية أحد الملفات الاشكالية مع حزب الله أكثر من وارد بالنسبة للحريري، ما قد يُشكل انعطافة كبيرة تقلب موازين القوى لصالحه و"ضربة معلم" تستنهض جمهوره الناقم!.