مع تفرّغ "​قوات سوريا الديمقراطية​" ذات الغالبية الكردية للمعركة التي سبق أن أطلقتها شرق ​نهر الفرات​ وشمال مدينة ​دير الزور​، بعد ان كانت توزع عناصرها وجهودها بين المنطقة المذكورة و​مدينة الرقة​، ارتفعت وتيرة الصراع الروسي-الأميركي في محافظة دير الزور والتي كانت حتى الأمس القريب تشكل المعقل الأخير لتنظيم "داعش" في سوريا. ويتسابق القطبان على توسيع مناطق نفوذهما في المحافظة التي تحوي ثروات طبيعية كبيرة وتتمتع بموقع استراتيجي على الحدود مع ​العراق​.

وقد اصيب النظام السوري ومن خلاله موسكو بانتكاسة كبيرة نهاية الأسبوع الماضي مع سيطرة "قسد" على حقل "العمر" النفطي والذي يعد أكبر حقل نفطي في سوريا، والواقع في شرق نهر الفرات بالريف الشرقي لدير الزور، خاصة وأن قوات العميد سهيل حسن المعروف باسم «النمر» كانت تتحضر لاقتحام الحقل قبل ان تهاجمها مجموعة كبيرة من "داعش"، أخلت بموجب اتفاق المنطقة التي كانت على تماس من خلالها مع "قوات سوريا الديمقراطية" ما أدّى لسيطرتها تلقائيا على الحقل.

ولا يستبعد خبراء ان يتكرر سيناريو "العمر" في ​البوكمال​ التي يخشى النظام وحلفاؤه أيضا من ان تحرك واشنطن المجموعات المحسوبة عليها، للانقضاض على المدينة التي تعتبر استراتيجية لجهة موقعها على الحدود مع العراق، وهو ما دفع الى تنسيق هجوم متزامن بين بغداد ودمشق لتطهيرها في آن واحد مع القائم العراقية المتاخمة. الا أنّ الاشكالية الرئيسية التي قد تواجه ​التحالف الدولي​ هو غياب المجموعة القادرة على اقتحام الميادين، في ظل تشديد مصادر عشائرية على غياب البيئة الحاضنة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" في المنطقة لا بل وجود بيئة عدائية لها ستمنعها من التقدم.

ويرفض مسؤولون في "قسد" اعطاء جواب حاسم لجهة امكانية توجههم الى المدينة. ففيما تشدد المتحدثة باسم حملة قوات سوريا الديمقراطية في محافظة دير الزور، ليلوى العبدالله في حديث لـ"النشرة" على ان المخطط العسكري خاص بالقيادة العامة، وبأنّهم سيلاحقون ​الارهاب​ أينما وجد، يشير مصطفى بالي، الناطق باسم "قوات سوريا الديمقراطية" الى ان حملة "عاصفة الجزيرة" تستهدف منطقة شرق نهر الفرات وشمال مدينة دير الزور، لافتا في حديث لـ"النشرة" الى ان "قسد" ستلاحق التنظيمات "الاسلامية الراديكالية" اينما وجدت في سوريا.

ووفقا للخريطة، لا تقع البوكمال في منطقة العمليات التي تستهدفها "عاصفة الجزيرة" باعتبار انّها على الضفة الغربية لنهر الفرات، ما يرجح فرضية اعتماد واشنطن على مجموعات أخرى لدخول المدينة كـ"جيش مغاوير الثورة" او "أسود الشرقية" أو "قوات أحمد العبدو" التي سبق لها أن دربتها لهذه المهمة، من دون أن تُظهر هذه المجموعات كفاءة تعتمد عليها ​الولايات المتحدة الأميركية​ في مناطق أخرى.

ويشير مصدر سوري في دير الزور الى تواجد نحو 5000 من عناصر "داعش" في البوكمال مقابل مئات آلاف المدنيين الفارين من أرياف دير الزور كما من العراق، ما يرجح فرضية تفادي معركة كبيرة وانسحاب سيناريو تسليم التنظيم المتطرف لمعقله الاخير في المحافظة تماما كما فعل مع معظم معاقله الأخرى فيها.

بالمحصلة، يمكن القول ان الدفة في دير الزور تميل حاليا لواشنطن التي باتت تستأثر من خلال المجموعات المرتبطة فيها وبخاصة "قوات سوريا الديمقراطية" بالعدد الأكبر من الحقول النفطية، ما يسرّع خطوات موسكو والنظام السوري الى مواجهة محسومة مع هذه القوات وبالتالي لانفجار الصراع الأميركي–الروسي بشكل علني داخل الأراضي السورية.