لفت رئيس الوزراء ​العراق​ي ​محمد شياع السوداني​، إلى أنّ "قبل عقدين من الزّمن، ساعدت ​الولايات المتحدة الأميركية​ الشّعب العراقي على الإطاحة بنظام الرّئيس الرّاحل ​صدام حسين​ الدّيكتاتوري، ووضع الأسس لنظام ديمقراطي. وقد مكّن ذلك العراقيّين من تذوّق الحرّيّة لأوّل مرّة، والقضاء على الاضطهاد وإساءة استخدام الموارد، الّتي تسبّبت في مشاكل ليس فقط لبلدي، ولكن أيضًا للمنطقة على نطاق أوسع".

وأشار، في مقال بمجلّة "فورين أفيرز - Foreign Affairs" الأميركيّة، إلى أنّ "خلال هذين العقدين، مرّت العلاقات العراقيّة- الأميركيّة بمراحل متعدّدة من الصّعود والهبوط والحماسة والفتور ومن توافق المواقف والآراء أحيانًا، إلى الاختلاف والتوتّر أحيانًا أخرى. لكن على الرّغم من ذلك، ظلّ هناك إدراك واضح لا تشوبه شائبة بين قيادة البلدين، أنّ علاقتهما ستظلّ علاقةً استراتيجيّةً تحمل الكثير من القواسم المشتركة، بما يحقّق مصلحة الجانبين".

وذكّر السّوداني بأنّه "في أواخر كانون الثّاني الماضي، شكّلنا اللّجنة العسكريّة العليا، المؤلّفة من كبار المسؤولين العسكريّين من كلّ من العراق والولايات المتّحدة، لتقييم التّهديد المستمر لما يُسمّى تنظيم "​داعش​"، وقدرات الأجهزة الأمنيّة العراقيّة، والظّروف التّشغيليّة في جميع أنحاء البلاد، وأدّى هذا الجهد إلى اتفاق بين جميع الشّركاء لإنهاء ​التحالف الدولي​ بطريقة تدريجيّة ومنظّمة؛ وفقًا لجدول زمني متّفق عليه".

وأكّد أنّ "العلاقة العراقيّة- الأميركيّة هي مفتاح استقرار ​الشرق الأوسط​، وكذلك لازدهار شعوب المنطقة، ونحتاج إلى وقت لإدارة التّعقيدات الدّاخليّة والتّوصّل إلى تفاهمات سياسيّة مع مختلف الأفرقاء"، مشدّدًا على أنّ "قرار صنع الحرب والسّلام يجب أن يكون مسألةً حصريّةً للدّولة، ولا يمكن لأيّ فريق آخر المطالبة بهذا الحق".

كما بيّن أنّ "بمساعدة أصدقائه -وخاصّة الولايات المتّحدة- تمكّن العراق من هزيمة المنظّمة الإرهابيّة الأكثر قساوةً في التّاريخ الحديث، والآن لم يتبقَ سوى مجموعات "داعش" الصّغيرة، الّتي تتمّ ملاحقتها من قبل قوّات الأمن لدينا، عبر الصحاري والجبال وفي الكهوف؛ لكنّها لم تعد تشكّل تهديدًا للدّولة".

وركّز السّوداني على أنّ "المبدأ التّوجيهي لعلاقاتنا الخارجيّة هو "العراق أوّلًا" - بناء شراكات قويّة قائمة على المصالح المشتركة مع البلدان الصّديقة في منطقتنا وخارجها. هذا المبدأ يعني أنّنا نقترب من كلّ مقاطعة على قدم المساواة، حتّى لا يصبح العراق ساحةً لأيّ جهة فاعلة خارجيّة لتسوية الحسابات".

وجزم أنّه "يجب التّعامل مع العراق على أساس السّيادة والاحترام المتبادل، وليس كبديل للصّراعات الأخرى، ولهذا السّبب أيضًا نسعى إلى استعادة دور العراق المحوري في الشرق الأوسط، والاستفادة من موقعنا الاستراتيجي"، منوّهًا إلى "أنّنا نرحّب بفرصة العمل مع الولايات المتّحدة لنزع فتيل الأزمات والحدّ من التّوتّرات في الشرق الأوسط، ومع ذلك نحن عازمون على تجنّب الوقوع في الصّراع بين اثنين من شركائنا، ​إيران​ والولايات المتّحدة".

واعتبر أنّ "خفض التّصعيد الشّامل في الشرق الأوسط يصبّ في مصلحة كلّ من العراق والولايات المتّحدة، ويتطلّب ذلك -قبل كلّ شيء- نهاية عاجلة للحرب في ​قطاع غزة​، واحترام الحقوق المشروعة للشّعب الفلسطيني"، لافتًا إلى "أنّني عندما أزور واشنطن وألتقي بالرّئيس ​جو بايدن​ في 15 نيسان الحالي، ستكون فرصةً لوضع الشّراكة الأميركيّة- العراقيّة على أساس جديد أكثر استدامة، وستؤكّد مناقشاتنا على الأهميّة المستمرّة لعلاقتنا الاقتصاديّة، والتّعاون في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ واستخدام الأدوات السّياسيّة والدّبلوماسيّة لنزع فتيل التّوتّرات الإقليميّة".