يكتسب ​حزب الله​ مكانة مهمة لدى شريحة واسعة من اللبنانيين، وهو تميّز عن غيره، بأنه نجح في النأي بنفسه عن سجالات الفساد والهدر وغيرها من الامور. ولكن، في الآونة الاخيرة، بدأ يظهر كلام في العلن، ومن المنتسبين والمحبين للحزب، بأن هناك مشكلة ما يجب التدخل لعلاجها.

من بين هذه الاصوات، الدكتور ​حبيب فياض​، شقيق عضو ​كتلة الوفاء للمقاومة​ النائب ​علي فياض​، وهو ايضا ينتمي الى حزب الله، وطالب في مقابلة تلفزيونية، حزبه إما بالانخراط في تصحيح الاوضاع الداخلية ، ابتداء من ​محاربة الفساد​ مرورا باحترام الدستور والقوانين، وصولا الى اعتماد سياسة إنمائية متوازنة تؤمّن احتياجات المواطن اللبناني، خاصة اصحاب الدخل المحدود والطبقات الفقيرة، وإما الاستقالة من الحكومة، مشيرا الى ان وجود الحزب في الحكم وتغييبه عن هذه الملفات، لا يعفيه من تحمل مسؤولية فشل الحكومات المتعاقبة والتي شارك فيها، من التطرق الى هذه المشاكل ومعالجتها.

مصادر متعاطفة مع الحزب، حاولت توضيح الامور، وشرحت ان مجتمع ​الضاحية الجنوبية​ لبيروت هو مجتمع حربي، غلبت وما زالت تغلب عليه هذه الظاهرة، والتي سمحت لبعض العائلات و​العشائر​ مخالفة القوانين والتعدي على الاملاك العامة والذي لا يحرك ساكنا لتأمين عودة الحقوق الى أصحابها، والى ما هنالك من خصال سيئة. وتابعت المصادر ان هناك الكثير من الكلام عن ان حزب الله كان يراعي أنصاره، حتى ان توزيع المساعدات بعد الحروب التي دمرت منازل وممتلكات سكان المناطق الشيعية، لم يكن عادلا. والمصادر التي تتعاطف مع الحزب ولكن يبدو ان لها تحفظات على بعض تصرفاته، لفتت الى قول الوزير ​محمد فنيش​ تعقيبا على ما حصل في ​حي السلم​ ، بأن "حزب الله رفع الغطاء عن المخالفين"، واعتبرت انه كان هناك غطاء لهؤلاء في السابق، مما جعلهم يعتقدون ان لديهم حقوقا مكتسبة ، ولا يحق للدولة ان تقضي على المخالفات التي أقاموها دون التعويض عليهم، او على الاقل الحصول على تعويضات من الحزب الذي غطى مخالفاتهم. وأشارت المصادر الى انه اذا كان صحيحا ان إنهاء الاحتجاجات جاء بعد تعهد من الحزب بدفع تعويضات لهؤلاء، كان الاجدر ان تحصل هذه الخطوة قبل المواجهات مع الأهالي، والتي اوحت بوجود بوادر ثورة على حزب الله داخل بيئته الحاضنة.

ورأت المصادر ان الخطورة في ما حصل في حي السلم في الضاحية الجنوبية، هي في إمكانية ان يتكرر في مناطق اخرى، سواء بصورة عفوية، او عن قصد وبتدبير من خصوم هذا الحزب، وعندها ستتدحرج كرة الثلج لتشكل مشكلة كبيرة لحزب الله. لكن المصادر توقفت عند ما اسمته بـ"مبالغات من قبل بعض وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، في اعتبار ما حصل بداية النهاية لحزب الله في هذه المناطق"، وان مثل هذه المواقف تعكس رأيا سياسيا ، او في الحد الأدنى تمنيات بأن يكون هذا الامر صحيحا. وخلصت المصادر الى الاعتقاد بأن دعوة الدكتور حبيب فياض هي دعوة يجب على حزب الله ان يأخذها بجدية، وان يبدأ بطرح خطط وحلول من داخل النظام للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد وخاصة في مناطقه، بنفس الطريقة التي نجح فيها في حروبه العسكرية ضد العدو الاسرائيلي وضد ​الجماعات التكفيرية​. واعتبرت انه يجب الأخذ في الاعتبار ان هذه المهمة اصعب واكثر تعقيدا من ادارة القتال والجهاد، نظرا للوضع السياسي الداخلي اللبناني الذي تنخره الطائفية والمحسوبية والسرقة والفساد، وان لا يكتفي بالتصدي للذين يطالبون بتسليم سلاحه او غيره من الشعارات التي ما زال يرددها هؤلاء منذ اكثر من عشرين عاما، وإلا فعلى الحزب ان يخرج من حكم تطغى عليه صفة الفساد التي تطال جميع من شارك ويشارك فيه.