"ممنوع تصور هيدي الأرض لأنها أملاك خاصة"!

عندما تسمع هذا الكلام من حارس الأرض في منطقة التعزانية في عاليه يبادرك الشكّ لوهلة أن مالكها شخص لا يريد ربما أن تكشف هويته ولكن عندما يقفل وكيل الأرض الخط بوجهك عندما تفاتحه بالموضوع تتأكد من ذلك. تشعر وأنت تجول في تلك المنطقة وكأنك تجول في المجهول. العيون كلها شاخصة اليك، الى تحركاتك... فتلك الأراضي للأمير القطري حمد بن خليفة بن عبد الله العطية!

هناك في تلك المنطقة جالت "النشرة" بحثاً عن حقيقة العقار الذي يحمل رقم 149 والذي يحدّ مدافن القرية والتي قيل أنها في طور البيع أيضاً للامير القطري.. لم تعرف أن خلف هذه القضية قضية أكبر بكثير. قضية 80 قطعة أرض وكيلها باع مجمل الأراضي الى الأجانب.

عندما تكون "الأمانة" في أيد غير "أمينة"!

مايكل وجورج ف. لبنانيان من تلك المنطقة مالكان لكل تلك الأراضي، هاجرا منذ سنوات عدّة الى أميركا وتركا تلك الأراضي "أمانة" في يد ظناها أمينة واليوم لم يبق منها الا القليل لأنها بمجملها بيعت بحسب ما تؤكد مصادر لـ"النشرة". وتشير المصادر عينها الى أن "وكيل تلك الارض يدعى ت. أ. ابن عم أحد الشخصيات المعروفة جدًّا في الرابطة المارونية".

ولكن الرابطة المارونية، وفق ما تؤكد مصادرها لـ"النشرة"، لا تهتم اليوم بموضوع تملك الأجانب بقدر ما تهتم بانتقال الملكية من لبناني إلى آخر. وتضيف: "الأجنبي يستثمر الارض لكنه يوظف لبنانيين للعمل فيها ولكن بانتقال الملكية لا يعود للمسيحيين وجود في قراهم وهذا الامر الاخطر بالنسبة لنا".

ولكن، ولأننا لا نعيش في جمهورية أفلاطون المثالية، ولأن "تشغيل اللبناني" ليس هو الهدف الأول من شراء تلك المساحات، استمرينا بعملية البحث، وتوصلنا إلى بعض العقارات التي تم بيعها وتحمل الأرقام التالية: 167-173-175-168-207-174 و149. وفي معلومات لـ"النشرة"، فإن ت. أ. باع جزءًا منها للبنانيين والقسم الأكبر تم بيعه الى أمراء خليجيين وكويتيين ويقال أنها سجلت بإسم ك. ق. مدير شركة قطريّة وهو لبناني الجنسية".

فيلات في التعزانية تُشاد بطريقة غير شرعية!

"النشرة" التي تفتح ملف بيع الارض في التعزانية من ضمن الأراضي التي تباع في مختلف المناطق في لبنان توحهت بدايةً الى رئيس بلدية "التعزانية" بولس سمعان أبو منصور الذي يؤكد ان "نسبة الخليجيين في التعزانية مرتفعة ومسألة بيع الاراضي تجري بوتيرة سريعة جدا"، مشيراً الى أننا "رفعنا الصوت عاليا ولا زلنا نرفعه بإستمرار حول هذا الأمر ولكن الامور لم تتغيّر". ويكشف لـ"النشرة" أن "معظم الخليجيين الذي يشترون الارض في المنطقة يشيّدون فيلات بِطُرُقٍ غير شرعية ودون تراخيص ونحن كبلدية اوقفنا اشغالهم منذ اكثر من سنة وحتى اليوم لم يعاودوا العمل فيها".

وعن العقار 149 الذي وردت معلومات بشأنه، يشدد على أن "عملية بيعه لم تتم ولو حصل ذلك لكنا عرفنا بالأمر لأنه سيطلب إفادة محتويات منا". وفي هذا الإطار تعتبر مصادر "النشرة" ان "سبب عدم اتمام البيع الى الآن هو أن الوكيل لم يحصل على السعر الذي يريده بعد". وتعبّر عن تخوّفها "من أنه وفي اي لحظة قد يجد من يشتري الارض بسعر يناسبه وبالتالي يبيعها فورا". وتضيف: "لا نعرف كيف يسمح المالكون ببيع كل تلك الارض الى الخليجيين ولا كيف يقنعهم الوكيل بالبيع فأهالي المنطقة لا يعرفونهم أبداً".

سعر متر الارض "هو هو" للبناني والاجنبي؟!

وكلاء الأراضي يحتاجون في معظم الأحيان إلى سماسرة لبيعها، فكم بالأحرى إذا كان حجم تلك الأراضي كبيرا جداً وإذا كان البيع للأجانب؟

التفتيش عن هؤلاء السماسرة أو الوصول إليهم صعب، ولكنه ليس مستحيلاً... إ. أ. خ. هو أحد الذين تعامل معهم ت. أ.، ولكن وبعد الحديث اليه علمنا أنه "باع 3 قطع أرض ولكن الى لبنانيين وليس الى خليجيين وهم من عائلة الفحل"، اما السمسار الآخر ويدعى ح. ن. أ. فأنكر بدايةً بيعه أي قطعة ارض الى خليجيين، ولكن بعد اصرارنا إعترف بالأمر، لافتا الى أنه "باع حوالي 10 قطع أرض الى خليجيين"، ويضيف: "سعر متر الارض لا يختلف بين الخليجي وبين اللبناني ولكن الامور سارت على هذا الشكل".

"لا لا" وأقفل الخط!

حاولنا مراراً الإتصال بـ ت. أ. للإستفسار منه عن هذه المسألة ولكن، وبعد محاولات كثيرة للتحدث اليه كان يجيب مؤكداً أن الرقم خطأ. وبعد إصرارنا على الإتصال وتأكدنا من صحّة الرقم مراراً، شرحنا للمجيب أننا نريد الحديث عن موضوع بيع الأراضي فقال: "لا لا وأقفل الخط!"، ومنذ ذلك الحين لم يجب أبداً على اتصالاتنا... فهو ماروني، ضميره واعٍ لما يفعل وقريب أحد المنتسبين الى الرابطة المارونية... أرض خسرها لبنانيون من أجل حفنة من الدولارات، وهذا التقرير أصبح اليوم مكشوفًا للرأي العام اللبناني... وللتاريخ الّذي لن ينسى ويرحم...

* ملاحظة: يُذكر أنّ المدافن والكنيسة تقع على حدود العقار 149 المذكور في التقرير، ولذلك تظهر في بعض الصور المرفقة بالتقرير، وقد اقتضى التنويه

تصوير حسين بيضون (الألبوم الكاملهنا)