السمنة أو البدانة هي موضوع شائع منذ القديم، ينتشر بشكل كبير في منطقتنا العربية ليصبح هذا "المرض" أول داء بتنا نتحضّر لمواجهته، وفق ما يؤكد الطبيب ​يوسف أندراوس​، رئيس قسم الجراحة في مستشفى أبو جودة. وفي تعريف البدانة نجد بأنها عبارة عن زيادة في الدهون وتراكمها بالجسم، وتكون الزيادة عادة في منطقة الاوراك لدى النساء وبمنطقة البطن لدى الرجال.

مؤشرات السمنة

تختلف المؤشرات لمعرفة السمنة بين شخص وآخر، ويمكن معرفتها حسب أخصائية التغذية ​بيرنا نجم​ عن طريق عدة مؤشرات أهمّها حساب كتلة الجسم التي يمكن معرفتها عن طريق قسمة الوزن على مربع الطول، فإذا كانت النتيجة تساوي أو تتخطى 30 يكون الشخص قد دخل بمرحلة البدانة. وتضيف نجم في حديث لـ"النشرة": "يمكن أيضًا ملاحظة البدانة عبر قياس محيط الخصر فإذا تخطى 88 سنتم لدى النساء و102 سنتم لدى الرجال نكون أمام حالة بدانة أيضًا"، مشيرة الى انه بالامكان معرفة مستوى البدانة عبر استعمال ماكينات خاصة تقيس نسبة الدهون بالجسم.

واذ تؤكد نجم أنّ كل زيادة بالوزن ليست بالضرورة بدانة، تشير إلى أنّ من أسباب الوصول إلى البدانة هو قيام الشخص باستهلاك كمية من الطعام تفوق حاجة الجسم مما يؤدي الى تخزين هذه الزيادات. وتضيف: "إن نوعية الطعام أيضًا تشكل سببًا للبدانة وخصوصًا إن كان الطعام يحتوي على نسبة كبيرة من الدهون والسكر". وتشير نجم إلى أن قلة الحركة والخمول والمشاكل الصحية كالغدة مثلا، او الجهاز العصبي او العامل الوراثي، كلها امور تؤدي الى البدانة.

السمنة وتغيير نمط الحياة

أما الدكتور اندراوس، فيشرح أنّ مسبّبات السمنة مقسّمة الى ثلاثة اقسام، اولها جيني، حيث أن الطفل يولد مع شراهة في الطعام، لافتا الى ان هذا النوع يقع تحت خانة الأمراض المتوارثة وهي حالات خارجة عن إرادة الطب لأنها بحاجة إلى تدخل جيني، وحتى التدخل الجراحي لا يمكنه أن يقوم بمفعول كبير. والسبب الثاني هو هرموني، كتوقف إفرازات الغدد مما يسبب وزناً زائداً، وهنا يكون التدخل عبر الأدوية كاف لتخفيض الوزن"، اما السبب الثالث فهو السمنة الناتجة عن نوعية الأكل.

نظرة اللبناني للوزن الزائد

يعاني عدد كبير من اللبنانيين من الوزن الزائد، ولكن معظمهم يعيش في صراع ضد الكيلوغرامات الإضافية. وفي هذا السياق يوضح شادي نور الدين أنه يعاني من بضعة كيلوغرامات زائدة قد تصل احيانا الى عشرة، ولكنه في "حرب دائمة" معها. ويقول: "انتصر عليها حيناً وتنتصر علي احيانا. ولكن ثقتي في نفسي كبيرة جدا وبالتالي لا ابالي بوزني الا ان الامر يختلف عندما اتوجه الى التبضع وشراء الملابس، فألاحظ أن علي تخفيض وزني، فأتجه إلى حمية غذائية قاسية".

اما بالنسبة الى هبة ع. التي عانت من وزن زائد بسبب مشكلة صحية ألمّت بها، فإنها تعتبر أن "السمنة سببت لها تعباً نفسياً ليس بسبب الوزن الزائد بقدر ما هو بسبب المشكلة المرضية". وتضيف: "مما لا شك فيه ان الفتاة تتأثر كثيرا بوزنها لان مظهرها الخارجي يهمها بشكل كبير الا ان ذلك لا يجب ان يقيد المرأة لان الشكل ليس كل شيء".

وترى نجم في هذا السياق ان نسبة البدانة لدى فئات الشباب قد زادت في لبنان لعدة اسباب اهمها تغيير نوعية الطعام والتخلي عن الاكل اللبناني الصحي لمصلحة الوجبات السريعة، هذا بالاضافة الى تغيير نمط الحياة ودخول المرأة قطاع العمل مما يؤدي ايضا الى التوجه نحو الطعام الجاهز. وتقول: "ان وسائل الراحة والترفيه ووسائل التواصل الاجتماعي كلها تؤدي الى قلة الحركة وبالتالي زيادة الوزن".

تغزو البدانة مجتمعاتنا لاسباب شتة، وهذا الامر بحاجة الى توعية وادراك، لان امراضاً كثيرة قد تصيب الانسان بسبب السمنة والوزن الزائد، وعلاج هذه الحالات يبدأ بالحميات الغذائية وقد ينتهي بالجراحة.

تصوير فوتوغرافي حسين بيضون

تصوير تلفزيوني علاء كنعان