الاجتماع في “الداخلية” ليس سريًّا للغاية. فالصورة واضحة والحاج وفيق صفا حاضرٌ وإن كذبت الصورة فقوافل الإنقاذ المارّة الى الطفيل أمس تُثبِت ما يرفض “المستقبل” توصيفه على أنه شرعنة لوجود حزب الله في سورية. إنه “اجتهادٌ فرديٌّ فحسب من قبل المشنوق انطلاقاً من موقعه كوزير داخلية” على ما تؤكد مصادر “المستقبل” لـ”صدى البلد”.

ربّما هضمت معدة “المستقبل” كمّ التساؤلات التي انهمرت على رؤوس نوّابها ومصادرها عن الاستعانة بحزب الله، وربما وجدت لها كلّ الإجابات والمسوّغات، ولكنها ما زالت حتى اليوم تقف عاجزة عن تبرير وجود الحاج وفيق صفا في اجتماعٍ أمنيٍّ من هذا النوع بعدما شدّ التيار الأزرق بيديه ورجليه لإقصاء ثلاثية شعب-جيش-مقاومة من البيان الوزاري وإذ به اليوم، وبطريقة غير مباشرة، يعيد تكريسها باستدعاء مسؤول جهاز الارتباط الأمني الى اجتماعٍ أمني. “سلْ الوزير المشنوق عن السبب أو اكتفِ بتبريره أنه مستعدٌّ لفعل أيِّ شيء من أجل تأمين سلامة أهالي بلدة الطفيل” تقول المصادر.

انطلاقاً من موقعه...

في منطق الأمور لجأ وزير الداخلية المحسوب على تيار المستقبل الى من يحارب تدخّلهم في سورية ليفكّ الحصار عن بلدةٍ لبنانيّة تقع أجزاء تابعة لها داخل الأراضي السورية. أما أبعد من منطق صورة قوافل المساعدات والصليب الأحمر تدخل البلدة فحكاية منطقٍ يتمسّك به المشنوق وأبناء التيار الأزرق ويتصرّفون على أساسه ويحاولون إقناع أنفسهم به في كواليسهم وخارجها: “المشنوق هو وزير داخلية لبنان لا وزير داخلية المستقبل، والمسؤولية المنوطة به تحتّم عليه اتخاذ قراراتٍ من هذا النوع ولو كان ذلك سيأتي متناقضاً مع موقفٍ سابق أو حالي”.

ليس اعترافاً...

ألا يحمل هذا التنسيق ولو في جزءٍ يسيرٍ منه اعترافاً بأهمية وجود حزب الله في سورية؟ تجيب مصادر “المستقبل”: قطعاً لا. اعتراضُنا على وجود حزب الله في سورية مستمر، ولكن في حالة بلدة الطفيل كان لا بدّ من التوجّه الى الحزب لتسهيل وصول قوافل المساعدات وعدم قطع الطرق أمام هؤلاء اللبنانيين الذين يريدون التنقل”. ولكنكم منحتم حزب الله شرعية ونقطة إيجابيّة في سجلّ مشاركته في الحرب السورية؟ تتلقف: “هذا ليس اعترافاً بأي شكلٍ من الأشكال من قبل تيار المستقبل بعمل حزب الله ووجوده في سورية. خلال الحرب كانت بعض المليشيات تُسمّى “قوى أمر واقع” ويتم التعاطي معها على هذا الأساس، واليوم حزب الله في سورية هو قوى أمر واقع ولا يعدو في نظرنا كونه ميليشيا مفروضة على اللبنانيين والدولة من خلال قتالها في سورية”. ولكن ماذا لو لم يكن حزب الله في سورية، الى من كانت الدولة ستلجأ ليساعدها في فكّ الحصار عن الطفيل؟ تتلقف المصادر: “لو لم يكن حزب الله في سورية لاختلف مشهد الطفيل إذ بات معروفاً أن الحزب كان من القوى التي تفرض بشكل أو بآخر الحصار على الطفيل، وأحد أهداف الخطة الأمنية التي تُطبَّق في البقاع اليوم هو إلزام حزب الله على العزوف عن طريقة تعامله مع الداخل اللبناني وتحديداً في البقاع من خلال حمايته للكثيرين من المجرمين والخارجين عن القانون”.

اجتهادٌ فرديّ

“هذا موضوع آخر”... هكذا يقارب المستقبليّون حكاية دخول الحاج صفا في الصورة الجامعة للاجتماع الذي ترأسّه المشنوق. يريد بعض هؤلاء أن يهوّنوها على الوزير المشنوق بعدما قسا عليه بعض من يدّعي النطق باسم التيار. أسهل التسويغات أن المشنوق “اتخذ قراراً مماثلاً باجتهادٍ فرديٍّ ركوناً الى موقعه الوطني والحساس”، أما عدا ذلك فالمشنوق “وحده هو المخوّل أن يجيب عنه. والمشنوق في هذا الموضوع فعل كالمجتهد في الأمور الفقهيّة، فإذا أخطأ له أجرٌ وإذا أصاب له أجران. هو رأى أن في هذه الخطوة مصلحةً لتخفيف وطأة الحصار عن أهالي الطفيل”.

اعتبارات...

لا يلوم “المستقبل” ابن الداخلية على خطوةٍ مماثلة، فالاعتبارات المتشعّبة أقوى من بعض الألسنة التي ستتناول انضمام الحاج الى اجتماع “الداخلية”. اعتباراتٌ إنسانيّة وطائفيّة وربّما سياسيّة كانت كفيلة بخروج الجميع ظافرين في إنجازٍ ثلاثي الأبعاد: “المستقبل” أخرس هواجسه وصرخات أهله، المشنوق تصرّف كوزير داخلية مسؤول، وحزب الله انتزع اعترافاً غالياً من شريكه السنّي في الوطن الواحد.