منذ الوقوع في الفراغ الرئاسي وترشيحه ​هنري حلو​، النائب الضال العائد الى كتلته في الآونة الأخيرة، ورئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب ​وليد جنبلاط​ يحاول التقرب أكثر فأكثر من "تيار المستقبل" لإعادة إحياء التحالف السابق بينهما، تارةً عبر لقاءات يعقدها مسؤولون في حزبه مع قيادات في التيار الأزرق، وتارةً أخرى، عبر زيارات يقوم بها شخصياً الى رئيس التيار النائب ​سعد الحريري​ المتواجد خارج لبنان. "غير أن كل ما يقوم به جنبلاط اليوم، وما يمكن أن يضيفه على هذا السلوك الإيجابي غداً او بعد غد، لن يعيد العلاقة الى طبيعتها مع زعيم المختارة بنسبة مئة في المئة"، تقول أوساط تيار المستقبل.

لقد سئم المستقبليون تقلبات جنبلاط السياسية وقيادة التيار لا تزال حتى اليوم تحمله المسؤولية الأكبر لتكليف نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة بعدما سمّاه ومن بقي معه من نواب كتلته يوم أسقطت حكومة سعد الحريري، ومنذ ذلك اليوم، اتخذ قرار داخل التيار بوضع حد لهذه التقلبات الجنبلاطية والتخفيف قدر الإمكان من تداعياتها السياسية على فريق الحريري عند كل إستحقاق سياسي بارز. ومن هذا القرار، تنطلق أوساط التيار الأزرق لتقول "يوم قال نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري إن الأهم من حوارنا مع رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون هو ضرب ما بات يسمى ببيضة القبان الجنبلاطية والتخلص منها الى غير رجعة، كان ذلك إنسجاماً مع القرار المتخذ سابقاً والذي يمنع جنبلاط من التأثير على أي قرار يتخذه تيار المستقبل ويضع حداً لتشويشه على اللقاءات السياسية التي يعقدها التيار مع حلفائه أو أخصامه". وفي هذا السياق يسأل نائب مستقبلي "عندما تقارب جنبلاط وعون وعقد أكثر من لقاء بين قيادتي الوطني الحر والإشتراكي لماذا لم يذهب أحد نوابنا موفداً من الحريري الى كليمنصو متمنياً على "البيك" وضع حد لتقاربه هذا مع الرابية؟"

المشكلة الأساسية التي طرأت على علاقة الحريري وجنبلاط بدأت عندما إنقلب جنبلاط على تحالفه مع قوى الرابع عشر من آذار بعد إنتخابات العام 2009. قبلها كانت نصائح جنبلاط مؤثرة على قرارات الحريري القادم الى السياسة من دون خبرة بعد إغتيال والده، يروي المقربون من رئيس "تيار المستقبل"، وكان الأخير يستفيد قدر الإمكان من خبرة حليفه العتيق والمحنك في قراءة التطورات في الداخل اللبناني والمنطقة، كما كان وليد جنبلاط يومها بنظر "الشيخ سعد" الصديق الأقرب الى الوالد، ورأس حربة الثورة التي أنتجتها جريمة الرابع عشر من شباط ضد جيش الإحتلال السوري. أما اليوم فلم تعد هذه النصائح مؤثرة، لأن الأحداث والتطورات المتسارعة خلال السنوات الماضية جعلت الحريري يتحصّن بخبرة تسمح له باتخاذ قراراته مع مستشاريه بعيداً عن نصائح جنبلاط، ولأن الأخير طعن بصداقته مع الوالد وأصبح رأس الحربة في معركة تأسيس الفريق الوسطي، تارةً يتحالف مع نجيب ميقاتي وتارةً أخرى يضع يده بيد الرئيس السابق ميشال سليمان.

لكل ما تقدم لم يعد يسمع جنبلاط في الزيارات التي يقوم بها الى دارة الحريري ما يريد أن يسمعه.