في اروقة القرار داخل 8 آذار اكتملت عملياً كل الاجتماعات التنسيقية لبت أمر الترشيحات النيابية حيث اختار كل ممثل من ممثلي القوى الاسماء التي ستترشح ( من دون تغيير يذكر في الاسماء والوجوه)، ويفترض ان يكتمل اليوم عقد المرشحين جميعاً وتكون قد قدمت ترشيحاتهم رسمياً الى الانتخابات وفق قانون الدوحة سواء أجريت الانتخابات ام لم تجرَ.

ولا تخفي مصادر قيادية في 8 آذار ضبابية المشهد الانتخابي فلا يبدو في كواليس هذه القوى ان الانتخابات ستجرى فعلاً وفي موعدها كما انها لا ترى ان التمديد امر واقع ايضاً. ورغم ان التفويض بالتحدث باسم هذه القوى بات محصوراً برئيس مجلس النواب نبيه بري منذ اسبوعين وبعد سلسلة من اللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية والاتصالات الهاتفية، يبقى التداول بالتمديد للمجلس وإجراء الانتخابات متساوياً كما يرجح بعض القوى في 8 آذار ان يكون هناك خيار ثالث مر وقاسٍ وهو الفراغ الكامل مع انتهاء ولاية المجلس الممددة بعد 7 او 8 اسابيع.

ويدافع اصحاب هذا الرأي عن هذا الخيار الذي يدفع اليه تيار المستقبل وقوى 14 آذار المسيحية عبر الاصرار على تعطيل المجلس وفرملة التشريع وكذلك الاصرار على معادلة جامدة سميت بمبادرة 14 آذار الرئاسية وهي وفق هذه المصادر تكرار للممارسة نفسها التي دأبت عليها هذه القوى منذ الجلسة الاولى التي دعا اليها الرئيس بري لانتخاب الرئيس.

فمعادلة سمير جعجع او اي مرشح آخر يتفق عليه يعني استبعاد العماد ميشال عون من دون ان توضح المبادرة شخصية ومواصفات واسم الرئيس التوافقي. وعليه تلتزم 8 آذار ما قاله الرئيس بري منذ اليوم الاول لاعلانه ان لا جديد فيها وهي لزوم ما لا يلزم لا تغني ولا تسمن من جوع وتؤكد استمرار المأزق.

في اللقاء الاخير بين السيد حسن نصرالله والعماد عون عكس السيد نصرالله للعماد عون رأي حزب الله و8 آذار مجتمعة في ما خص ترشيحه وهو الكلام نفسه الذي سمعه عون من نصرالله قبيل عيد ميلاد السيد المسيح العام الماضي. فلا مرشح سوى عون ولا انتقال الى الحديث عن مرشح آخر لا يوافق عليه عون الا بعد ان يقرر هو العزوف عن الترشح.

انسداد الافق الداخلي رئاسياً ونيابياً تحيله المصادر القيادية في 8 آذار الى التأزم في المشهد الاقليمي الذي تتوسع فيه الفجوات بين محور "البريكس" وروسيا وايران والصين وبين محور اميركا وفرنسا والسعودية.

ويبدو جلياً ان محاصرة ايران ومحاولة تحجيم دورها في لبنان وسورية والعراق وإطلاق يد السعودية في المنطقة بـ"غطاء جوي" اميركي وسياسي دولي حليف لاميركا، لن يقابل بيد مكتوفة من اعضاء ومناصري هذا التحالف، فالاجتماعات التنسيقية قائمة بينهم على قدم وساق، منها ما هو عملاني وسياسي ومنها ما هو إجرائي على حد وصف القيادي. كما يعتبر ان المطلوب اليوم مزيدٌ من اليقظة والوعي والتنبه الى مخططات اميركا واسرائيل للاجهاز الكامل على خصومهما والسيطرة على المنطقة من بحرها الى نهرها. ويعتقد المصدر نفسه ان حرب البيانات الاعلامية والسجالات السياسية وتحميل المسؤولية ورمي الاتهامات بالعرقلة، التي تجرى في لبنان لا تقدم ولا تؤخر في سياق الاحداث كما لا تغير في واقع الامر بشيء.

الغموض في الحرب الجديدة التي اطلقتها اميركا في جدة واعادت فرز قواها في باريس امس، يفترض ان يدفع اللبنانيين الى مزيد من التنبه وخصوصاً من يعتقد انه حليف لمن يشن هذه الحرب غامضة الاهداف والمقاصد والغايات. ولن تتضح كلياً الا بعد ان تأخذ الغارات الجوية مداها ومعرفة الاهداف التي ستضرب وهل ستقتصر على "داعش" و"جبهة النصرة" اما ان وجهتها ستكون في إتجاه الجيش السوري و"حزب الله"؟ وعندها كيف ستكون ردة الفعل؟ وما هي الاضرار الناتجة عن الفعل ورد الفعل؟ ومن يستفيد لبنانياً من حرب كهذه؟ الاجابات كلها قاتمة وحذار من العودة الى المراهنة.