قديماً قيل:

إذا إعتزَّ الجبل إعتزَّ لبنان، وإذا إهتزَّ الجبل إهتزَّ لبنان...

بالإمكان التعديل في هذا القول ليُصبح:

إذا إعتزَّ الجيش إعتزَّ لبنان وإذا إهتزَّ، إهتزَّ لبنان، إنَّها حكاية المؤسسة العسكرية مع هذا الوطن:

إستقراره من تماسكها ووحدتها، وما تبقّى من أملٍ فيه ناجمٌ عن أنَّ الأمل موجودٌ فيها.

***

لنتصوَّر ما نحن فيه اليوم من مآسٍ ومصائب وطنية فيما الجيش مضعضع وغير متماسك؟

فماذا كان حلَّ فينا؟

هل كان أحدٌ يستطيع أن يخرج من منزله؟

تصوَّروا لو أنَّ الجيش لم يستطع معالجة وحسم أحداث صيدا وعبرا، ولاحقاً أحداث طرابلس، وراهناً أحداث عرسال، فماذا كان سيحدث في الجمهورية؟

***

إنَّه المؤسسة الأكثر تماسكاً على رغم ما مرَّ فيه البلد من ويلات، لم يأتِ عهد إلا وراهن عليه، ولم تقع حادثة إلا وكان هو الأمل في وضعِ حدٍّ لها.

اليوم هناك حربٌ على الإرهاب، وبتعبيرٍ أكثر دقّة هناك إستعداداتٌ لشنِّ حرب على الإرهاب، أربعون دولة تستعدُّ لها، وكل إستعداداتها من الجو، مع أن الجميع يُدرِك أنَّ الحروب إذا لم تُستَكمَل من البر فإنَّها تبقى منقوصة، وأكبر دليلٍ على ذلك أنَّ الجيش اللبناني خاض كلَّ حروبه الضرورية برّاً ولم يكن لسلاح الجو فيها أيُّ دورٍ يُذكَر، ومع ذلك إستطاع أن يُحرز إنتصارات في كلِّ هذه الحروب.

***

حين نتحدَّث عن وحدة المؤسسة العسكرية وعن تماسكها، فإنَّما نعني المؤسسة بكلِّ وحداتها وقطعاتها ومديرياتها، ويأتي في المقدِّمة، باعتراف الجميع، مديرية المخابرات وعلى رأسها العميد إدمون فاضل، وحسناً فعل القيِّمون على المؤسسة بالتمديد له حتى آذار المقبل، وذلك عائد إلى إعتبارين أساسيين:

الأول، مناقبية العميد فاضل حيث أنَّه من القلائل الذين تسلَّموا مديرية المخابرات وبقي على تواضعه واتزانه.

أما الإعتبار الثاني فالحاجة الملحَّة إليه في هذه الظروف التي تشهد اعتماداً أساسياً على مديرية المخابرات في مواجهات الأعمال الإرهابية والخلايا الإرهابية النائمة.

ويصحُّ القول أنَّ مديرية المخابرات مع العميد فاضل تعيش عصراً ذهبياً، لجهة الإنضباطية والأداء والفاعلية.

***

ولكن ماذا بعد، وكيف يمكن دعم الجيش؟

الجواب في غاية البساطة وفي غاية الصعوبة في آن واحد. هو في غاية البساطة لأن وضع الخطط سهل، وهو في غاية الصعوبة لأن ترجمة الخطط إلى أفعال هو التحدي الكبير.

وضعُ الخطط يقول إنَّ الجيش يحتاج إلى المزيد من العناصر البشرية وإلى المزيد من التسليح:

المزيد من العناصر البشرية يحتاج إلى خطة عملانية للتطوع، وهذا يستلزم وعياً من القيادات لحضِّ الشباب على التطوع في الجيش، إن المزايدات في دعم الجيش لا تكفي ما لم تُقرَن بالدعوات إلى التطوع فيه، فدعم الجيش من دون التطوع هو نوعٌ من الدعم الكلامي الذي لا نتيجة إيجابية له.

والتطوُّع يَقي لبنان شرور الأمن الذاتي، فبدلاً من التسلُّح المناطقي وبدلاً من العودة إلى النقطة الصفر في الأمن الميليشيوي، لماذا لا يُصار إلى حملات تعبئة وتوعية للإنخراط في الجيش؟

هكذا تنتفي الحاجة إلى تسلُّحٍ يُعرَف كيف يبدأ لكن لا يُعرَف كيف ينتهي.

***

أما التسليح للجيش فمسألةٌ أخرى، ربما هذا البند هو الوحيد الذي يحوي إجماعاً غير مسبوق، فعملية التسليح توازي في أهميتها العنصر البشري، إذ لا جيش من دون تسليحٍ حديث.

***

في المحصِّلة، إنَّ الإستثمار في الجيش هو إستثمارٌ في الإستقرار.