في الحادي والعشرين من تشرين الثاني المقبل، أي عشية عيد الإستقلال، يُطلُّ لبنان على العالم بالمشهد التالي:

فراغٌ في رئاسة الجمهورية.

فراغٌ في مجلس النواب.

وفراغٌ في الحكومة.

***

الفراغ في رئاسة الجمهورية ناجمٌ عن العجز عن إنتخاب رئيس.

الفراغ في مجلس النواب ناجمٌ عن العجز عن إجراء إنتخابات وعن رفض كثيرين التمديد للمجلس.

والفراغ في الحكومة ناجمٌ عن أنَّ الحكومة تستمد شرعيتها من مجلس النواب، وطالما أنَّه سقط بانتهاء مدَّته فإنَّها تسقط حكماً، على الأقل تفقد شرعيتها ويبدأ الطعن والتشكيك فيها لأنَّ لا مجلس نواب تستمدُّ شرعيتها منه.

***

هكذا سيقف اللبنانيون في يوم عيد الإستقلال:

لا رئيس، لا مجلس نواب، لا حكومة، فهل من بلدٍ في العالم وصل إلى هذا السيناريو؟

في المقابل، ما هي السيناريوهات المحتملة؟

وماذا يمكن فعله في الستة والعشرين يوماً المتبقية قبل إنتهاء ولاية المجلس؟

يمكن إنتخاب رئيس للجمهورية. هذا مطلب الرئيس سعد الحريري بالدرجة الأولى لأنَّه سبق وكرر أكثر من مرة أنَّه مطلوبٌ إنتخاب رئيس، أمس قبل اليوم، واليوم قبل غد، لكن هذه المهمة ليست مسؤوليته وحده، فهو تجاوب مع كل الدعوات إلى جلسات إنتخاب الرئيس، فنواب كتلته ثابروا على النزول إلى مجلس النواب في الجلسات الثلاث عشرة التي دعا إليها الرئيس نبيه بري، ومقاطعة الجلسات لم تأتِ منه أو من حلفائه.

ولكنَّ العملية الإنتخابية ليست وقفاً عليه وحده أو على فريقه، فهناك الفريق الآخر الذي يقاطع الجلسات، وليس في الأفق ما يشير إلى أنَّه سيتراجع عن هذه المقاطعة. كما أنَّ إنتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان ليست عملية داخلية فقط، بل هي طبخة دولية بامتياز تتداخل فيها الإعتبارات الداخلية والموازين الدولية، فهل من العدل تحميل كلِّ هذه الإعتبارات والظروف إلى الرئيس سعد الحريري؟

هذا هو الظلم بعينه.

فالرئيس سعد الحريري هو صاحب المصلحة الأولى في إجراء الإنتخابات الرئاسية، فمن غير الجائز القول إنَّه لا يسهِّل إجراءها، خصوصاً أنَّ تسهيله وحده لا يكفي. فما يجري هو حفلة مزايدات يُعرَف أين تبدأ لكن لا يُعرَف أين تنتهي؟

***

بالإنتقال إلى مربَّع مصير مجلس النواب، فالإنتخابات يُفتَرض أن تكون منجزةً قبل 20 تشرين الثاني، أي أنَّه يُفترض أن تُجرى بعد أسبوعين، هل نسي المعنيون ما قاله وزير الداخلية نهاد المشنوق أنَّه لا إمكانية لإجرائها؟

إنَّ المزايدة برفض التمديد خلقت نقزةً عند أكثر من كتلة نيابية ولا سيَّما الكتل المسيحية، فحزب الكتائب يعارض، والقوات اللبنانية تعارِض وإن كانت ستحضر الجلسة إذا تمت الدعوة إليها، فمن أين يأتي الغطاء المسيحي للجلسة؟

وهل يكفي حضور 26 نائباً مسيحياً من المسيحيين المستقلين؟

***

غبطة البطريرك الراعي قال كلمته ومشى إلى أوستراليا، يُذكِّر البعض بأنَّه عارض التمديد الرئاسي لكن بعد الفراغ تمنى لو أنَّه حصل، ولكن بعد فوات الأوان. رغم أن غبطته كان يعمل للتمديد في الأسابيع الأخيرة، اليوم هو يعارض التمديد لمجلس النواب، فهل سيتمنى، بعد الفراغ، لو أنَّ التمديد حصل؟

أيضاً سيكون فات الأوان... وليستعد الجميع للمؤتمر التأسيسي.