أكدت الكاتبة والأديبة ​ندى المر​ّ أنّ كتابها الجديد "Leur Guerre Mon Combat" هو عبارة عن مذكّرات توثق لفترة عاشتها واختبرتها إبّان بدايات ​الحرب اللبنانية​، مشيرة إلى أنّ هذه الحرب غيّرت أمورًا كثيرة في حياتها، مشدّدة على أنّ ما قبلها ليس كما بعدها.

وفي دردشة مع "النشرة"، أوضحت المرّ أنّ الكتاب الّذي استمرّ العمل فيه قرابة عشر سنوات أحبّت التحدث من خلاله عن تلك المرحلة وكيفية اندلاع الحرب، وتهدف الى تثقيف وتوعية الجيل الجديد على الأخطاء التي ارتكبت في الماضي وأن يسعوا إلى إعادة لبنان إلى ما كان عليه منارة للشرق الأوسط في المجالات كافة ومقصدًا سياحيًّا عالميًّا لما له من أهميّة تاريخيّة تدعونا للمحافظة عليه في ظل تعايش اسلامي-مسيحي وبالتالي الاستفادة من تجارب الماضي.

وترى المرّ أن ما يمرّ به لبنان حاليًّا كأنّه نسخة منقّحة عن بدايات الحرب اللبنانيّة، ولذلك قرّرت "اختيار هذا الوقت لإصدار كتابها لأن تجربة الماضي تتكرر اليوم خصوصاً وأن الحكام في السابق كانوا يراهنون على الخارج ويهتمّون بمصالحهم الخاصة"، وقالت: "اليوم نمر بنفس الحالة فالجيش يحارب الارهابيين ويسعى للحفاظ على لبنان والحكام يعرقلون عمله".

وعن تجربتها الحزبية وإصدار كتابها على شكل مذكرات وليس رواية، أوضحت المرّ أنّ ما دونته كان قريباً من الواقع فالجميع كانوا يشعرون به، لافتةً الى أنها "لم تكن وحدها من كانت تعيش كل هذه المرحلة"، وقالت: "كنا جميعاً فريقا واحداً وحاربنا لننقذ لبنان"، ورفضت اعتبار ما كتبته كحقيقة مطلقة: "لا وجود لحقيقة مطلقة فأنا ذكرت في الكتاب أننا نريد هذا اللبنان للبنانيين الذين ينتمون اليه وليس الى أي بلد آخر".

وردًّا على سؤال عن سبب هجرتها الى فرنسا فيما لو كانت تحبّ لبنان والعمل من أجله، أجابت أن رحلتها الى باريس كانت لاكمال دراستها التي استتبعتها فيما بعد بحب حياتها حيث تزوّجت برجل كان يخدم في صفوف الجيش الفرنسي وكان ممنوعًا عليه المجيء الى لبنان بسبب ظروف الحرب، "لكن هذا الامر تغيّر بعد نهاية خدمته"، فأصبحت متنقّلة بين بلدي الأم وفرنسا".

ولم تخلُ دردشة ندى المرّ لـ"النشرة" عن كتابها من الألم لتستذكر فيه تلك الحقبة الزمنيّة التي انضوت فيها تحت لواء حراس الأرز وقاتلت الى جانبهم، وسقوط أول شهيد لحراس الأرز وكيف كان الأفرقاء الآخرون يقدّمون الشهداء أيضًا.

هذا الكتاب الّذي يبدو توثيقيًّا ومقسّمًا الى أقسامٍ عدّة لحقبة ما اصطُلِح على تسميته بحرب السنتين تسهب الكاتبة بالحديث فيه عن الفلسطينيين في 1975 عشيّة اندلاع الحرب وكيف كان تلاميذ والدتها الكاتبة والمؤرّخة مي مر "يحضرون إلينا ويتحدثون عن حرب مقبلة وكنا جميعا نشعر بها وعندما بدأت المعارك إعتبر هؤلاء أن وقت الكلام ولّى وآن الأوان لحمل السلاح"، لافتة الى أنها "مع مساعدة الفلسطينيين ولكن في بلادهم وليس في لبنان"، ومشيرة الى أنهم "يتحدثون عن قضيتهم ويطالبون أن نتحمّلهم بسببها ولسنا مضطرين لذلك فتلك القضية ليست قضيتنا"، متمنيّة أن يعود قرابة المليون فلسطيني الموجودين في لبنان للدفاع عن أرضهم واسترجاعها من عدوّهم اسرائيل "وانا من المؤكّد أن مليون لبناني اذا لم يكن أكثر سيساندونهم في ذلك".

وتمنت المر أن تصل الرسالة التي تريدها من الكتاب الى الجمهور "لأنهم لا يعرفون تاريخ لبنان العريق والقديم قِدم الحرف الّذي يمكن أن يستعيد لمكانته المحوريّة فيما لو دخل العنصر الشاب الى الحياة السياسية والشأن العام ليستفيد من هذا التاريخ فيعرف كيف يتعاطى مع الحاضر ويحضّر لمستقبل واعد وأفضل حفاظًا على هويّة لبنان الحضارية".

وكشفت أنها تعمل على الإعداد لكتاب آخر باشرت فيه منذ ست سنوات ويتضمن احياء لمشروع كان تحضّره والدتها الاديبة الراحلة مي المرّ " لبنان فينيقيا عملاق التواريخ" وهو يتحدث عن تاريخيّة جذور لبنان".

وخلصت الكاتبة ندى الى القول أنه "لو عاد التاريخ الى الوراء فستشارك في القتال من جديد من أجل لبنان بلد واحد وموحّد بطوائفه كافة"، وأضافت: "يوم بدأنا بالقتال في 1975 كان الفلسطينيون يظنون أنه وخلال شهر لن يعود هناك لبنانيون في لبنان، لا أظن أنهم كانوا يتوقعون أن نحمل السلاح وننزل الى الشارع".

وأملت أن "ينخرط الشباب في الحقل السياسي لأنهم وحدهم من يستطيعون إعمار لبنان من جديد"، وأشارت الى أنها ستسعى جاهدةً بايصال كلمتها من خلال الكتابة والمحاضرات لتشجيع الشباب على القيام بدور فاعل لقيام جمهوريّة لبنانية حرّة سيّدة مستقلّة فعليًّا وليس بالشعارات فقط.

* كتاب الأديبة المرّ يحمل عنوان "Leur Guerre Mon Combat: Liban 1975-1976"، صادر عن "L'Onctiale Edition"، يتألف من 240 صفحة مقسّمة على مقدّمة و33 فصلاً. أما غلافه كما يظهر في الصورة فهو على شكل أرزة، وفوقها صورة لدير مار مارون عنايا ضريح القديس شربل. وقد وقعت الأديبة المرّ كتابها في البيال.