لم يكن القرار السعودي بإبلاغ رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون بتعذر تبنّيه من قبل المملكة مرشحًا توافقيًا لرئاسة الجمهورية بعد ستّة أشهر من المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين إلا مؤشرًا لانطلاق مرحلة جديدة من البحث الجدي لانتخاب رئيس، تقودها كلّ من فرنسا والفاتيكان اللتان تدفعان منذ أيام وبقوة لحلحلة العقد التي تواجه ملف الرئاسة والمضيّ قدمًا به بعد فترة من الرضوخ للأمر الواقع وربط الملف بنزاعات المنطقة ومصيرها.

ومع ترجيح كفّة تمديد المفاوضات بين إيران والدول الغربية، وبالتالي تأجيل توقيع أيّ اتفاق حول ملف طهران النووي، لن يكون الرابع والعشرون من الشهر الجاري محطة استثنائية تنقلب بعدها الأدوار وتنضج الملفات، كما كان قد توقع رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام رابطا لبنان بالنووي الايراني.

وتستغرب مصادر واسعة الاطلاع هذا الربط الذي يضع لبنان على سلم أولويات طهران والدول الغربية، وهو ما ليس حاصلا على الاطلاق، لافتة إلى أنّ الملف اللبناني ليس طارئًا لهذه الدول مقارنة بملف العراق وسوريا واليمن وغيرها.

وتتوقع المصادر أن يقتصر الحراك المرتقب بالملف الرئاسي على أطراف دولية محددة ستحاول أن تلعب دور الوسيط بين فرقاء الداخل وتنشط على خط الرابية.

وتعوّل قوى "14 آذار" على "مؤشرات" تقول أنّها وصلتها من "حزب الله" الذي أبدى ايجابية لجهة استئناف الحوار حول الرئاسة من دون حصره بالرابية، مشيرة إلى أنّ "الحزب يشترط أن يرضى العماد عون على أي رئيس مقبل لكنّه لا يحصر الحوار الرئاسي به"، وهو ما تعتبره هذه القوى خرقًا ستعمل على البناء عليه.

في الرابية الوضع مختلف. السقف لا يزال عاليًا، ولا يقبل المقربون من الجنرال الحديث عن أي مساومات أو تسويات، وهم يرفضون حتى بمجالسهم الخاصة التداول بأسماء قد يقبل بها عون أو يرشحها شخصيًا، حتى أنّ ما طرح عن خطة "ب" لترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، لاقى استياءً في الرابية، حيث التمسك بعون للرئاسة خيار واحد ووحيد.

حاول حلفاء العماد عون أن يمرروا له أكثر من رسالة عبر الاعلام في الأيام الماضية أن الرفض السعودي الرسمي لترشيحه أطاح بكلّ حظوظه، لكنّهم لم يتجرأوا بعد على مفاتحته بالموضوع ويستمرون بسياسة المغازلة العلنية بانتظار أن تصدر عن الرابية اشارات توحي بامكانية التفاوض، فلا أحد مستعجل في فريق "​8 آذار​" على انتخاب رئيس قبل الاستقلال او بعده، وهو ما عبّر عنه فرنجية صراحة حين قال أنّه "بين الرئيس الضعيف والفراغ نختار الفراغ".

ويرفض العماد عون ربط فرملة السعودية لعملية انتخابه بعلاقته مع "تيار المستقبل"، ويقول قيادي في فريقه في هذا الاطار، "بيننا وبين المستقبل قنوات للحوار لا تزال موجودة حتى ولو كان الحوار متوقفا، وبالتالي لا سبب جوهري يقول بتفجير هذه القنوات". ويضيف: "رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ أبدى نية واضحة بالسير بالعماد عون رئيسا الا أن الممانعة كانت بجزء منها داخلية يقودها جزء من تيار المستقبل، وبالجزء الأكبر منها خارجية... لو اقتصرت العراقيل على الداخل لكان نجح الحريري بتذليلها، لكنّ كلمة الخارج الذي يرتبط به الزعيم الشاب كانت أقوى صدى من نياته الطيبة".

ويختم القيادي العوني قائلا: "الأفق الرئاسي حاليا مقفل تمامًا... ولكننا نعوّل على خروقات مفاجئة في أي لحظة".