1

أيّ حوار يشكل منطلقاً لمعالجة الأمور الأمنية والسياسية في لبنان هو محل تقدير وترحيب. إذ كنا ولا نزال نعتقد أن الحوار هو مفتاح الانتقال من حالة الاضطراب إلى حالة الاستقرار ومن حالة الخلل إلى حالة الاستواء.

ويبدو اليوم ضرورياً في سياق ما يحصل في المنطقة، أن تكون كل القوى المحلية متأهبة لدعم الاتجاهات الانفتاحية حتى لا يقع لبنان في فخ الإرهاب ومكيدة الدول العدوة التي لا تريد للبنانيين أن يعيشوا الأمان والسلام.

ولو أننا نلاحظ أنّ ممارسات العديد من الدول العربية والغربية لا تريد الحوار بين اللبنانيين بل تسّعى لتعطيل أي استعداد للإقدام على مثل هذه الخطوة، فثمة الكثير من المخططات التي تهدف إلى إبقاء الأطراف الفاعلة على الساحة المحلية في نزاع مستمر وإشغالهما بقضايا تشوش مسار التلاقي والتعاون لما فيه مصلحة بناء الوطن. بالتأكيد نحن مطالبون بمواجهة الاعتزال أو العزلة التي يبديها البعض بإيعاز خارجي أو باستنكاف داخلي لأنّ المسألة تقع باستمرار في خانة الضرر المباشر على الواقع الوطني.

2

ليست مسألة تهاوي أسعار النفط العالمية مسألة عابرة، إنها تقع في قلب الصراعات الدولية وما يحصل من تجاذب على ساحة النفوذ والمصالح في العالم. بكل وضوح هناك معسكران أحدهما تقوده أميركا والآخر يضم روسيا وإيران والصين بشكل رئيسي، يتنافسان على المستقبل. والذي تتوجب رؤيته في هذه اللحظة أن تاريخاً جديداً يتمخض من هذا الصراع تريده أميركا لها بالكامل بالانتصار والهيمنة على كل الدول قوية كانت أم ضعيقة، بينما يريدها المعسكر الآخر مستندة الى الشراكة والعدالة والقانون الدولي. لكل مراقب أن يرى في انخفاض أسعار النفط مكيدة واضحة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وضد روسيا على مواقفهما من الأزمة السورية ومن تحديهما السياسات الأميركية والغربية التي تريد أن تنفرد بقيادة العالم والاستحواذ على ثرواته بأبخس الأثمان.

لقد جربوا مع إيران كل الوسائل المحرمة كي تتنازل، ولكنهم فشلوا. واليوم يعملون من أجل تقليل موارد إيران من العملات الصعبة لتحطيم اقتصادها ومنعها من تنفيذ مشاريعها التنموية لا سيما النووية، غير أن ظروف إيران في الماضي كانت أصعب بكثير مما عليه اليوم ومع ذلك صمدت واستطاعت كسر الحصار، ولا تزال مثالاً ساطعاً يبرهن على اقتدار عظيم وعلى نزعة التحدي والمقاومة في وجه الدول الاستكبار.

العالم يمر بمخاض عسير، ولكن شكله سيتخذ استقراره النهائي عندما تجتمع كل القوى المستضعفة لتواجه طاغوت أميركا والغرب، وليس أدل على الأمل الذي نتطلع إليه سوى ما حققته كوبا بعد خمسين سنة من الحصار الظالم.