حقق الحوار الذي يرعاه الرئيس نبيه بري بين حزب الله وتيار المستقبل نتائج جيدة على صعيد تخفيف الاحتقان، الامر الذي يشجع على المضي بهذا النهجو ربما توسيعه وتعميمه في ظل الازمة التي يعيشها عمل المؤسسات الدستورية بسبب عدم انتخاب رئيس للجمهورية حتى الآن.

وتظهر النتائج بشكل واضح وجلّي على المستويين السياسي والامني، حيث تراجع السجال الاعلامي الذي كان سائداً بين الطرفين الى الحدّ الادنى، باستثناء بعض التصريحات و«النتعات» الصادرة عن بعض «صقور» المستقبل لاسباب عديدة منها ما هو مرتبط بطبيعة اصحابها او بالتمايز داخل هذا التيار.

ولعلّ ابرز الاشارات الايجابية التي تسجل كلام الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في خطابه الاخير عن ايجابيات هذا الحوار واعلانه استعداده للقاء الرئيس سعد الحريري.

ووفق المعلومات القليلة المتوافرة فان الجلسة الرابعة للحوار لم تخرج عن اطار اجواء سابقاتها لجهة المناخ الايجابي الذي تدور فيه النقاشات حول تفاصيل الوقائع الراهنة، لا بل ان الطرفين اظهرا رغبة صريحة في التعاطي مع هذه الوقائع بايجابية وبروح الانفتاح على الآخر.

ويقول مصدر متابع ان ما تحقق من خطوات امنية لم يكن يحصل او يتيّسر حصوله في غياب الحوار، مشيراً في هذا المجال الى ما يلي:

1- نجاح انهاء مشكلة «إمارة المتطرفين في سجن رومية بشكل مرن ومن دون مضاعفات او اراقة دماء بعد مخاض طويل وعسير».

2- الاتفاق والتزام الكل لا سيما «حزب الله» بتطبيق الخطة الامنية للبقاع لا سيما منطقة بعلبك - الهرمل. اما موضوع تأخر المباشرة بها فهو مرتبط بالامور اللوجستية والامنية حيث ترك التوقيت للمؤسسة العسكرية والقوى الامنية المعنية.

وتقول مصادر مطلعة ان معركة جرود رأس بعلبك الذي خاضها الجيش مؤخراً ضد المجموعات الارهابية والتطورات الاخيرة على هذا الصعيد ساهمت بشكل واضح في تأخير الموعد.

3- الاتفاق على تحصين الوضع الامني في بيروت عبر خطوات امنية يفترض ان تأخذ مسارها قريبا، مع الاخذ بعين الاعتبار ازالة المظاهر الحزبية التي يمكن ان تساهم في التوتر او الاحتقان على الارض.

4- الاتفاق على رفع الغطاء عن كل مخلّ بالامن مهما كان بما في ذلك المنتمون لسرايا المقاومة.

5- التوافق الكامل بين الطرفين على تقويم دور الجيش والقوى الامنية في محاربة الارهاب تقويما ايجابياً، والتأكيد على تقديم كل الدعم وبكل الوسائل للمؤسسة العسكرية والقوى الامنية، والدفع عبر المؤسسات الرسمية والجهات المعنية باتجاه تسريع تزويدها بالعتاد والسلاح وفق برنامج الهبة السعودية والامكانات الاخرى المتاحة.

6- ومن الاجراءات ازالة الاعلام والشعارات التي ستجري بعد اعطاء الضوء الاخضر من الحكومة والتي ستتم قريباً.

وفي المحصلة يمكن القول انه بعد اربع جلسات نجح الحوار بحسب المصادر في امتحان تخفيف الاحتقان السياسي والامني بنسبة جيدة، وربما يحتاج الامر الى مزيد من البحث والخطوات لمقاربة المواضيع الاخرى.

وبرأي المصدر المتابع ان مقاربة موضوع رئاسة الجمهورية مرتبطة بعوامل اخرى خارجة عن حوار الطرفين وبالتحديد بالتوافق المسيحي - المسيحي وبالظرف الخارجي المساعد.

ويضيف بان من ايجابيات حوار عين التينة هو تحضير التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» على فتح قناة الحوار بينهما، والشروع في مناقشة كل الامور المطروحة ومنها ملف الاستحقاق الرئاسي.

ووفقا للاعتقاد السائد فان هناك خطا متوازيا بين الحوارين حول موضوع الرئاسة، على ان الظروف الداخلية والخارجية لا توحي بقرب حسم هذا الملف الذي يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات.

وبرأي الاوساط المراقبة ان لحظة حسم او فك احجية الانتخابات الرئاسية لم تحن بعد، غير ان ما يجري بين التيار العوني و«القوات» يشكل عاملا مساعدا في تلقف هذه اللحظة والتعامل معها بشكل ايجابي اكثر خصوصا على مستوى تحقيق التوافق المسيحي المنشود وما يعزز هذا الرأي ان اوساط الطرفين يتحدثان بايجابية عن سير المفاوضات والحوار التمهيدي القائم بين النائب ابراهيم كنعان والقيادي في «القوات» ملحم رياشي.

ويقول مصدر قيادي في التيار العوني ان وثيقة التفاهم المعدة بين الجانبين باتت في مرحلة متقدمة للغاية، مشيرا الى انه تم التوصل الى هذه الوثيقة بفترة قصيرة قياسية، الامر الذي يبعث على التفاؤل.

ويشير الى ان الوثيقة تشمل قضايا وامور اساسية عديدة بما فيها رئاسة الجمهورية والاستحقاق الرئاسي، وقانون الانتخابات والشراكة في الحكم وغيرها.

ويكشف المصدر بان الحوار التمهيدي قطع اشواطا مهمة لا يمكن التقليل من اهميتها وان الامور تسير باتجاه ايجابي، وهناك خرق واضح وتجاوز لكثير من الالغام في شتى القضايا والمواضيع المطروحة.

ويضيف لقد توصلنا الى اشارات ايجابية عديدة يمكن ان يبنى عليها في كل المواضيع، ونحن مستمرون بالروحية نفسها التي بدأنا بها.

وعن موعد لقاء العماد عون والدكتور جعجع يقول المصدر ان هذا الموعد لم يحدد بعد، وان التوقيت له مدلول سياسي ومرتبط ويعود الى قرار القطبين.

هل يمكن ان يؤخر «المستقبل» هذا الموعد؟

يجيب المصدر «لا اعتقد ذلك، فالمستقبل طالما طالب باتفاق المسيحيين حول الاستحقاق الرئاسي، فلماذا سيقف في وجه مثل هذا التوافق؟ مع العلم ان هناك مناخات افضل من السابق يمكن ان تساهم في تحقيق التفاهم المسيحي اكثر.