بعد سيطرة المجموعات التكفيرية المسلحة على نحو 4 بالمئة من مساحة لبنان، وفي ضوء محاولتها التمدد في البقاع الشمالي، واعتداءاتها المتكررة على مراكز الجيش اللبناني، وبالتالي تعريض الاستقرار اللبناني للاهتزاز، ثمة تخوُّف لدى اللبنانيين من إمكان تشظي "اشتباكات جرود رأس بعلبك" وسواها إلى مناطق آمنة، أو قيام التكفيريين برود أفعال انتقامية تستهدف السلم الأهلي في البلد، كالعملية الانتحارية الأخيرة في "جبل محسن"، لاسيما بعد تكبُّدهم الخسائر في لبنان وسورية والعراق في الآونة الأخيرة.. فهل تتوسع رقعة الاشتباكات، أو يسعى التكفيريون إلى إلهاء الجيش خارج "عرسال" وجرودها، خصوصاً بعد التطورات الدراماتيكة على الحدود السورية - الفلسطينية في "القنيطرة"، وإمكان سعي المجموعات المسلحة إلى التقدُّم باتجاه "جبل الشيخ" و"شبعا" مجدداً، لإشغال المقاومة في جنوب لبنان، ومحاولة ثنيها عن قتال العدو "الإسرائيلي" في الجولان بعد إعادة فتح جبهته؟

يرى مرجع إسلامي أن "إسرائيل" قد تدفع بالتكفيريين إلى تسخين جبهات القتال مع المقاومة على الأراضي اللبنانية، لإنهاكها في الداخل، وللتخفيف من قدرة حزب الله القتالية في القنيطرة، خصوصاً إذا اتّجه الوضع الأمني إلى مزيد من التصعيد في الجنوب السوري، معتبراً أن هناك أطرافاً إقليمية ستتضرر مصالحها من نجاح التسوية الأميركية - الإيرانية، وانعكاساتها على المنطقة، لذلك تسعى إلى "قلب الطاولة"، من خلال تقويض الاستقرار.

ويلفت المرجع إلى أن هناك تقاطعاً "إسرائيلياً - تكفيرياً" في تخريب الوضع الأمني في لبنان، لاسيما بعد التفاهمات الداخلية، تحديداً بين "تيار المستقبل" وحزب الله، والتي ضيّقت هامش تحرُّك التكفيريين، وأسهمت في تضافر جهود الأجهزة الأمنية، وتأمين الغطاء السياسي للقيام بدورها المطلوب في المرحلة الراهنة، بدليل نجاحها في إحباط عملية تخريبة، منها على سبيل المثال: توقيف سوريين في حوزتهم حزام ناسف ومتفجرات في زغرتا.

وفي هذا الصدد، يؤكد المرجع انتهاء مهمة "هيئة العلماء المسلمين" وسواها على أرض الواقع، وأن الدور الأهم للمتشددين في المرحلة المقبلة سيكون لما يسمى "بالجهاديين"، المجهَّزين للقيام بعمليات أمنية، على غرار جريمة جبل محسن، كاشفاً عن ورود معلومات تتحدث عن قيام الأجهزة المختصة بالبحث عن ثلاثة انتحاريين في طرابلس.

في المقابل، تؤكد مصادر متابعة أن الوضع الأمني في لبنان يدعو إلى الحذر، لا إلى القلق، خصوصاً أن لدى القوات المسلحة وحزب الله يقظة عالية للتعامل مع أي طارىء، وبالتالي فإن الوضع الأمني ممسوك، مشيرة إلى نجاح الجيش في صد تقدم التكفيريين في البقاع، وفي الوقت عينه لا تنفي احتمال وصول النار إلى الداخل، مادامت مستعرة على الحدود، لكن بشكل طفيف.

وعن إمكان تنفيذ الجيش اللبناني عملية عسكرية لتطهير جرود عرسال من الإرهابيين، تجزم المصادر أن هذا الأمر يتطلب قراراً إقليمياً معاكساً للذي حوّل عرسال إلى متنفَّس للمجموعات المسلحة، وأن "المستقبل" منفرداً حتى الساعة غير قادر على اتخاذ موقف بالتخلص منها، خصوصاً أن عملية كهذه تحتاج إلى تنسيق مع الجيش السوري، معتبرة أن القرار الأول لايزال ساري المفعول، في انتظار ما ستؤول إليه التوجهات السياسية السعودية الجديدة في المنطقة في عهد الملك سلمان.