لم ينقص مخيم عين الحلوة سوى اللجوء الإسلامي إليه حتى تكتمل مشاكله التي تتراكم وحولته إلى نموذج قاتم ينتظره فلسطينيو الشتات. فعين الحلوة الذي لا يزال عالقا ومترددا بين القوى المتنافسة فيما بينها للفوز بالأمر لي، حتى داهم المخيم اللجوء اللغز للإرهابي شادي المولوي. فوضع هذا اللجوء تقول مصادر فلسطينية جميع القوى في دائرة الحيرة والعجز بحيث لم يستطع أي فصيل من تحمل تبعات هذا الوجود خصوصاً أن الجيش اللبناني يضغط بكل عزم لاسترداد المولوي. لكن المولوي الذي لجأ إلى «مخيم الطوارئ» حيث يقبع جميع المطلوبين يدرك جيدا ان هذا الحي محمي من الاسلاميين المتطرفين وبالتالي فإنه طلب الأمان والحماية من هؤلاء. لكن الطوارئ كان ولا يزال مطوقا من «عصبة الأنصار» التي قررت أن ينأى «عين الحلوة» بنفسه عن الأزمة السورية خوفاً من تكرار المصير الأسود الذي حل «بمخيم اليرموك».

وهنا لا بد من العودة إلى القوى الفلسطينية المتواجدة في عين الحلوة التي تسعى كل منها إلى السيطرة على القرار. والجميع بات على قناعة أن «عين الحلوة» هو عاصمة الشتات فمن يمسك بالقرار في داخله يستطيع تمثيل فلسطيني الخارج في أية مفاوضات منتظرة حول تقرير المصير، على حدّ قول المصادر التي تقول ان هذه القوى تتوزع على محاور عدة أبرزها :منظمة التحرير الفلسطينية ومعها «حركة فتح» التي تتلقى الدعم المادي واللوجستي والمعنوي من القيادة في رام الله كما أنها على تنسيق تام مع «عصبة الأنصار» التي باتت ذراعا إسلاميا داخل عين الحلوة ورقما صعبا بعد أن فتحت حوارا واقعيا مع السلطة اللبنانية أثبت فاعليته في عدد من الأزمات الطارئة.فنشأت حالة من الثقة المتبادلة وضعت العصبة فصيلا إسلاميا مسؤولا عن المخيم. وفي المقابل فإن «حركة حماس» التي كانت تتقاسم القرار داخل المخيم مع حركة «فتح» تأثرت كثيرا بتداعيات الحرب السورية خصوصاً من خلال انضمامها إلى معسكر «الإخوان المسلمين» وبالتالي تحولت إلى فريق ثانوي داخل المخيم فيما ـ الإسلاميون المتشددون استولوا على مرتبتها المتقدمة. وفي ظل هذه القوى داخل مخيم عين الحلوة ثمة فريق وسطي ينمو بسرعة ويجد لدى الشباب حماسة للخروج من الاصطفاف المستنفر دائما داخل المخيم. ومن أبرز رموز هذا التيار الفلسطيني الوسطي محمد دحلان ومساعده المسؤول السابق للكفاح المسلح الفلسطيني «اللينو» الذي ذاع صيته داخل الساحة الفلسطينية.

وترى هذه المصادر ان زيارة المشرف على الملف الفلسطيني في لبنان عزام الاحمد كانت لذر الرماد في العيون فقد تم وعد السلطات اللبنانية بتسليم شادي المولوي واسامة منصور وباقي المطلوبين خلال ساعات لكن الاحمد «حمل حاله يلا يا فكيك» واذ في اليوم التالي يتفاجأ سكان المخيم باجراءات امنية غير مسبوقة من قبل السلطات اللبنانية، وهذا يظهر ان الاخير لم يكن صادقاً وحاول الالتفاف واللعب على الالفاظ بلغة ملتبسة وغير واضحة وهذا امر اعتاد عليه سكان المخيم، ومن هنا قام شباب المخيم بمبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي عنوانها «عندما يرسل الصغار للقيام بمهام الكبار» الامر الذي الهب هذه المواقع بردود فعل شاجبة لما قام به الاحمد خصوصا ان ليس هناك من يتحمل المسؤولية حتى القوى الامنية المشتركة التي لم تستطع ايقاف الاغتيالات واخرها اغتيال ابراهيم الجنداوي وعيسى فارس، وقد تمكن شباب المخيم البارحة من تفيك عبوة ناسفة على طريق السكة زنتها حوالى 3كلغ على الرغم من وجود معلومات عن المسؤولين عن كل هذه الامور لم يقم احد باجراء اي تحقيق، وهذا يؤكد ان وضع المخيم يرثى له ولم يتغير شيء بل يبدو ان هناك اصراراً على التهرب من المسؤوليات زيبدو ان هذا الامر مقصود لتسليم المخيم.

اضافت المصادر: لقد قاموا بوضع سيناريو او «تخريجة» ان المولوي لم يعد هناك وهذا الامر غير صحيح، وكل هذه الامور تدفع ابناء المخيم الى اليأس في ظل تراجع دور الفصائل الفلسطينية وتراجع دور حركة «فتح» وان الشباب المسلم الذي انضوى تحت رايات «فتح الاسلام» و«جند الشام» واسماء عديدة اصبحوا يمسكون بزمام الامور والدليل ان خطبة اسامة الشهابي من على منبر جامع الزبير التي تم تسجيلها للمرة الاولى هاجم وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق مباشرة ووعد على المكشوف انه عاجلاً وليس آجلاً سنخرج المساجين من رومية وقام البعض بتبرير ما قاله، ولفتت المصادر الى ان البعض يعتبر ان هناك ضعف في القيادة والاصح ان هناك تهرباً من المسؤولية لان هناك امراً في السياسة يهدف الى التخلص من المخيمات في اية طريقة وتسليمها الى الراديكاليين الامر الذي سيؤدي الى الدمار والخراب.

وتابعت المصادر ان عزام الاحمد سمع كلاماً «واقفاً من المسؤولين اللبنانيين وطلب منه تحمل المسؤولية على صعيد الحقوق والواجبات ولكن يبدو عملياً ان الامور وصلت الى الصفر بحيث يصح قول المصريين «اسمع كلامك اصدق اشوف اعمالك استعجب» من هذا المنطلق سيشهد المخيم حراكاً شعبياً ومبادرات للتحرك باتجاه القيادة لان الامور صعبة، فالمخيم اصبح مربعات امنية مقفلة ويبدو ان القيادة برام الله لا تأبه لهذا الامر من جميع النواحي وليس من الناحية الامنية فقط».

وعما اذا كان الوضع سينفجر في المخيم رأت المصادر ان التفجير مربوط بما يحصل على الحدود وهناك بعض المصادر الامنية تؤكد انهم كانوا معترضين على الاستعجال في قضية طرابلس التي كان من المفترض ان لا تحصل كون اميرهم «ابو مالك التلي» وغيره يريدون الاستعجال، ولكن القوى الاسلامية في المخيم هي مازالت في طور الاستعداد داخلياً، لكنهم اليوم بدأوا يتحركون وهناك معطيات ومعلومات تؤكد ان هناك استهدافات داخلية لمحاولة السيطرة بشكل كامل على المخيم وهذه الامور هي ضمن الاعداد.

وعما يشاع عن تنسيق لـ«اللينو» مع «حركة حماس» والقوى الاسلامية المتطرفة، تؤكد المصادر ان هذا الامر هو ضمن التشويش وان الاخير له باع كبير معهم وموقفه واضح منهم مؤكدا ان «حركة حماس» ليس لديها قوة عسكرية على ارض المخيم وهي تعمل ضمن مربع محمود عيسى، وهي ايضا تحاول تعزيز جهدها لتأمين المساعدات، وشددت المصادر على ان الجميع يعرف موقف تيار «اللينو» الاصلاحي منهم، في موضوع الاخوان المسلمين بشكل عام لا سيما وانهم «نبتوا من تحت ابطهم» وسبق للاخير عندما كان مسؤولاً ان دخل بملاحم معهم ونظريته كانت ان الامر لا يحصل بالتراضي والحوار و«الطبطبة» وان لديه اعتقاد واضح وصريح انهم لا يفقهون الا لغة القوة.

وتابعت المصادر ان الاخ «ابو مازن» يريد التخلص من ورقة اللاجئين في الشتات لان المخيم هو شاهد ملك على انهم لاجئون ويرد التخلص منه ولهذا السبب تم تجريد اللجان الشعبية التابعة للمنظمة من كل شيء.

اما بالنسبة لامكانية تحول عين الحلوة الى نهر بارد جديد، اكد المصدر الى القيام بتحرك شعبي سنصل الى هذا المصير، لان الجميع يعلم ان نصف المخيم واكثر بيد المتطرفين وهناك تحريض وتجنيد وغسيل ادمغة، وذلك بعدما منعت السلطات في رام الله التجنيد والتفرغ وكل ذلك يبدو انه لصالح المتطرفين.