لقن حزب الله الإسرائيليين الذين سددوا له ضربة عسكرية ومعنوية قاسية باغتيال قادته في القنيطرة درساً لا يمكن نسيانه اوتجاهله بعد اليوم في مزارع شبعا في العمل الأمني والاستخباراتي والعسكري حيث ما تزال الدولة العبرية تبحث في اسرار عملية شبعا وكيف تمكن رجال حزب الله من اختراق الحدود المرسومة واجهزة الرصد والمراقبة ليخلصوا الى نتيجة واحدة جعلتهم يفتشون عن الانفاق التي خرج منها منفذو العملية دون التوصل الى نقطة واحدة تنيط اللثام عن عجزهم وفشلهم، فالعملية التي ستبقى لغزاً من الغاز المقاومة ومن عملياتها وتكتيكاتها العسكرية نجحت والعدو الإسرائيلي اصيب بانتكاسة قوية حيث لن يجرؤ على اللعب مجدداً في ملعب حزب الله الذي اصدر بيانه الرقم الأول وهو يعد البيان الرقم الثاني، وإذا كان هذا هو الواقع الذي يعترف به العدو الإسرائيلي واخصامه وحتى حلفاؤه فالمؤكد كما تقول اوساط سياسية مطلعة فان الرد الإسرائيلي على شبعا قد لا يستهدف حزب الله مباشرة انما قد يستهدف الداخل اللبناني لتقويض الوضع اللبناني المهتز اصلاً على ضربات «داعش» و«النصرة» ولتأليب الرأي العام المسيحي ربما على حزب الله في اطار الحرب النفسية والسيكولوجية على لبنان بعدما بات الإسرائيليون عاجزون عن المبادرة العسكرية.

وعليه تقول الاوساط فان المناطق المسيحية التي لم يصبها ما اصاب الضاحية الجنوبية من تفجيرات انتحارية وما حمله ارهاب «النصرة» و«داعش» الى الجيش ومواقعه والى المناطق الشيعية من جبل محسن الى السفارة الايرانية ليست بمنأى عن احداث ارهابية تتقاطع مع اهداف «داعش» و«النصرة» وما يريده العدو الإسرائيلي الذي يسعى الى تأليب الرأي العام المسيحي ضد حزب الله ، خصوصاً ان «داعش» و«النصرة» ثبت انهما وجهان لعملة واحدة وتظهر التقارير العسكرية من منطقة الجولان المحتل الدور الإسرائيلي الى جانب المجموعات الارهابية عبر تزويد المعارضة السورية بالسلاح ومعالجة الجرحى من «الجيش السوري الحر» وتأمين المواد ومستلزمات الثورة السورية او المجموعات المسلحة، واشارت الاوساط الى ان عملية شبعا عند هذا الحد تتقاطع مع فشل المسلحين الارهابيين في معركة تلة الحمرا التي هدفت الى احتلال بلدة مسيحية بما يعني ذلك فيما لو حصل من انتكاسة للوضع اللبناني ولمعنويات الجيش الذي استطاع ان يسطر ملحمة بطولية في تلك المعركة بعد سقوط الموقع واسترجاعه ومنع المسلحين من تحقيق حلمهم بالسيطرة على منطقة مسيحية على غرار ما فعلوا في العراق او في سوريا ومن تثبيت معادلة الامارة الاسلامية الممتدة من عرسال الى طربلس.

من هنا بعد عملية شبعا من جهة التي وجعت الإسرائليين وبعد فشل احتلال رأس بعلبك بما فيها تلك المعركة من رمزية، فان المخاوف بدأت تتضاعف وتتخوف بحسب الاوساط من استهداف للحلقة الاضعف في المجتمع اللبناني اي المسيحيين، فالمناطق الشيعية محصنة بزنار من النار والطوق الأمني الذي يلفه حزب الله الذي اكتوى بنار الانتحاريين العام المنصرم، والارهابيون في الجرود يشعرون بالاختناق في الجبال ويسعون لفك الطوق الامني عنهم وفتح منافذ لهم ولاثبات الذات وانهم قادرون على شن الهجوم ويملكون السلاح الكافي المخزن في الجرود، وبعد نجاح عملية رومية لقطع التواصل بين داخل السجن وخارجه فان الارهاب الآتي من «النصرة» و«داعش» كما العدو الإسرائيلي ربما سيبحث عن متنفس عن أزمته خصوصاً بعدما ثبت ان حزب الله يلاقي اجماعاً داخلياً بمساندته المؤسسة العسكرية في الحرب على داعش على الحدود الشرقية والبلدات المحاذية لسوريا، ومن هنا فان المخاوف التي تتحدث عنها اوساط سياسية وامنية لا تخفي شكوكها في امكانية ان يضرب الإرهاب في مناطق ليست مسرحاً للعمليات او غير محصنة امنياً، وهذه الفرضية قد تصح على المناطق المسيحية البعيدة عن مسرح المعارك والتي تحوي خلايا نائمة مخيفة من اجل تأليب الرأي العام ضد حزب الله بجرم استجرار الارهاب الى عقر الدار المسيحي من جهة ولأن هذه المناطق هي ربما الهدف الأسهل للمجموعات المسلحة.