لا يفصلنا عن موعد 11 آذار 2015 الذي حدده رئيس مجلس النواب نبيه بري (الجلسة تحمل الرقم 20)، سوى اقل من اسبوعين. تحديد هذا اليوم لم يختلف عن المواعيد الـ19 السابقة حيث كان يمر مرور الكرام، ومن النواب من يذكره فينزل لرؤية زملائه والتحدث معهم بعيداً عن ممارسة حقه بالاقتراع، ومنهم من ينساه فيبقى في المنزل يتابع الاخبار وما يحصل من "نهفات" واحاديث جانبية في ساحة النجمة.

ومع تغيير المواعيد، بقي اللاعبون الاساسيون في هذا الاستحقاق دون تغيير، و"بورصة" اسماء المرشحين لم تزد ولم تنقص، ولو اختلفت النظرة الى الاسهم بين مؤيد لهذا المرشح وآخر. وفي ظل الحديث عن وجود احتمال ولو ضئيل بأن يكون 11 آذار هو الاخير بالنسبة الى هذا الاستحقاق حيث يتم انتخاب رئيس للجمهورية، -علماً ان المعطيات السياسية الاقليمية والدولية لم تعط اي مؤشر ايجابي في هذا الخصوص- لا بد من اجراء جولة سريعة والوقوف على اوضاع المرشحين الاساسيين الثلاثة في ظل الواقع العملي المستجد.

*رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون: كثر الحديث في اليومين الاخيرين عن ان اسهمه علت بشكل كبير بفضل الحوارات التي يشهدها لبنان ("حزب الله"-"تيار المستقبل"، و"التيار الوطني الحر"-"القوات اللبنانية")، اضافة الى اجماع على ان الاتفاق النووي بين الغرب وايران بات شبه مؤكد، ناهيك عن الكلام عن تغيير في النظرة السعودية الى التعاطي مع الوضع السوري، واللقاء الاخير الذي جمع عون بالنائب سعد الحريري.

في الواقع، يعتبر مؤيدو وصول عون الى الرئاسة ان الحوارات التي اطلقها ان مع "تيار المستقبل" او مع القوات اللبنانية، هيأت الصورة له ليثبت انه يتواصل مع الجميع، حتى مع من كانوا "ألد الاعداء". وبرأيهم ان هذه الصورة كفيلة باعتماد العماد عون كمرشح توافقي غير استفزازي، مع افضلية -اذا ما صدقت التوقعات- بأن الخط الذي يدعمه سياسياً سينتصر استراتيجياً وميدانياً.

وفي كل الاحوال، تحول عون الى الرقم الصعب، بحيث اذا لم يصل الى قصر بعبدا، فإن طريق الرئيس المقبل ستمر حتماً بالرابية، وهو ما لمسه الجميع في الداخل والخارج.

*قائد الجيش العماد ​جان قهوجي​: بعد ان دخل بقوة الى المعركة الرئاسية، حوّلت الاحداث الامنية والمواجهات التي خاضها الجيش اللبناني، الانظار عنه كمرشح رئاسي لتنحصر بشخصيته كقائد للجيش. مؤيدو وصوله الى الرئاسة، يعتبرون ان الظرف الحالي هو الاكثر ملاءمة لوصول رجل عسكري الى الرئاسة في ظل التهديدات التي يتعرض لها لبنان على صعيد الارهاب والامن، وان الجو الاقليمي والدولي يشجع وصوله نظراً لعدم كونه من "الاستفزازيين" كما انه نسج شبكات تواصل مهمة مع الغرب والعرب خلال الفترة الماضية.

ولكن باب الامن هو نفسه الذي يلج منه معارضو وصول العماد قهوجي الى بعبدا، حيث لا ينفكون يشككون في الخيارات التي اتخذتها القيادة للتعاطي مع الارهابيين، ويتقصدون التركيز على ان الجولات التي قام بها لتأمين تسليح الجيش لم تكن نافعة رغم انه ليس من يموّل عملية التسليح.

اما العقدة الابرز التي تعترض وصول قائد الجيش الحالي الى الرئاسة، فهي العماد عون ولعل السجال غير المباشر الذي اندلع بينهما اخيراً خير دليل على ذلك.

*رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​: بقيت اسهمه على حالها، اقلّه من خانة المواقف الرسمية. فقوى "14 آذار" لا تزال تدعمه علنا، ومؤيدوه يرون انه الرجل الانسب لهذه المرحلة لانه قادر على احداث الفرق في المعادلات الموضوعة، كما انه يحظى بتعاطف غربي وعربي معه ولما ينادي به. ويرى مؤيدوه انه يحظى بنقطة قوة لجهة الحوار مع "التيار الوطني الحر"، ويضعونها في خانة جعجع بدلاً من خانة عون، خصوصاً في ظل ما يتردد ايضاً عن امكان فتح حوار بين "القوات اللبنانية" و"تيار المردة".

وجهة النظر المؤيدة هذه تقابلها وجهة نظر معارضة ترى ان شريحة من السنّة لا يمكنها بعد القبول بوصول جعجع الى الرئاسة وهو امر سيخلق حزازيات كبيرة، كما يلفت المعارضون الى وجود شريحة ايضاً في الجيش اللبناني لا تنظر بعين المودة الى جعجع (ولو ان شريحة اخرى تخالفها النظرة)، اضافة الى ان الخط السياسي الذي يسير به قد يجد نفسه متخلفاً عن الخط السياسي الآخر.

هؤلاء المرشحون الثلاثة هم الاكثر تداولاً حالياً للوصول الى قصر بعبدا، ولكن هذا لا يعني ان المرشحين الآخرين ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: الرئيس السابق امين الجميل، النائب سليمان فرنجيه، النائب هنري الحلو، الوزير السابق جان عبيد... لا يملكون حظوظاً لنيل لقب "فخامة الرئيس"، انما وفق المعطيات الحالية، فإن حظوظ هؤلاء اقل من حظوظ المرشحين الثلاثة الذين تم ذكرهم آنفاً، فيما يبدو ان لا اتجاه لاجراء تعديلات دستورية للمجيء بموظفين من الفئة الاولى على غرار حاكم مصرف لبنان.

قد يكون الحديث عن حظوظ المرشحين امرًا مبكرًا في ظل عدم وجود اي اشارة حسية الى استعجال دولي لاجراء الانتخابات، ولكن "لعبة الكراسي" للمرشحين ستبقى قائمة حتى إبطال مفعولها باتفاق اقليمي-دولي يعيد الى لبنان رئيسه المفقود منذ 25 ايار الفائت، على ان يتأقلم اللبنانيون معه اياً تكن هويته.