ثلاثة مليارات دولار تلاها مليار آخر وضعت ​الجيش اللبناني​ في مصاف اعتى الجيوش في المنطقة واكثرها خطورة... انما على الورق. منذ اكثر من عشرة اشهر، يمكن القول ان الجيش اللبناني فاز بورقة "لوتو" او يانصيب وحصد الجائزة الكبرى، غير ان هذه الورقة بقيت في يده دون ان يتمكن من صرفها او التحكم بالارقام الموجودة عليها، او الاستفادة منها.

من الطبيعي الا يخرج الى العلن كلام يظهر حقيقة هذه الاموال واين اصبحت الاسلحة التي التزمت فرنسا ارسالها الى لبنان بالتنسيق مع السعودية (صاحبة الهبة) وقيادة الجيش التي اعدت حاجات الجيش المخصصة لمكافحة الارهاب وليس محاربة اسرائيل، لعلمها التام بأن محاربة اسرائيل من قبل الجيش سيحظى بفيتو لا بل بفيتوات عديدة من قبل الدول الكبرى.

فما هي آخر اخبار الهبة السعودية، واين اصبحت استعدادات فرنسا لتسليم الجيش الاسلحة المطلوبة والتي كانت وعدت الجيش بتسليمه دفعة منها ابتداء من نيسان(1)؟

مصادر رفيعة المستوى على مجريات الملف، اكدت ان الأمل بالحصول على الاسلحة الفرنسية للجيش هي كمّن يطلق الوعود في الاول من نيسان، لانه وحتى اليوم، لم يتمّ اتخاذ اي خطوة ملموسة يمكن من خلالها الاعتماد على وصول الاسلحة المطلوبة. واضافت المصادر انه بين الكلام عن سمسرة، وعن فيتوات على بعض الاسلحة، وعن عدم جهوزية المعامل الفرنسية حالياً لانتاج النوعية المطلوبة... كل هذه الذرائع اعتبرتها المصادر مجرد اسباب للمماطلة، بحيث انه في المدى المنظور على الاقل، لن ينال الجيش من الهبة السعودية سوى "هبّة" مالية على الورق.

اما على المدى البعيد، واذا ما قدر للهبة ان تتحول الى واقع، فسيكتفي الفرنسيون بتزويد الجيش بما قيمته نحو 900 مليون دولار فقط، على ان تكون المبالغ الباقية مخصصة للمعدات المرافقة لهذه الاسلحة وقطع الغيار وغيرها...

في المقابل، تثني المصادر على التحول النوعي في المساعدات العسكرية الاميركية للجيش، وهي تستند الى مدفعية الميدان التي وصلت اخيراً للجيش وهي من عيار 155 ملم، ان من الولايات المتحدة او عبر القناة الاردنية، اضافة الى كمية الذخائر المقدرة بنحو 500 الف قذيفة، وقد اثبتت جدواها وفاعليتها في التحركات الاخيرة التي قام بها الجيش على اكثر من جبهة، وطائرات التجسس دون طيار. علماً ان الجيش كان يطمح للحصول على اسلحة متطورة، لكنه اكتفى بما ناله لانه افضل الممكن.

وتكشف المصادر ان الاهتمام الاميركي بمساعدة الجيش نابع من اهمية عدم تمدد "داعش" واخواتها في الارهاب للمناطق اللبنانية، وابقائها على الاقل محصورة في رقعة جغرافية معينة، وهذا ما نجح الجيش في تحقيقه وبامتياز، حتى انه وسّع خطوطه الدفاعية.

ونفت المصادر من جهة ثانية اي رابط بين تسليح الجيش وامكان وصول قائده العماد جان قهوجي الى قصر بعبدا، مشيرة الى ان هذا الموضوع منفصل تماماً عن الآخر، فالواقع العسكري الميداني لا يحتمل مغامرات سياسية، فيما الرئاسة تقوم على مثل هذا النوع من المغامرات.

وعما حكي عن القلق الاميركي من الاتفاق السعودي-الفرنسي الذي حصل حين تم الاعلان عن الهبات، اوضحت المصادر نفسها ان الاميركيين لم يشعروا يوماً بأي انزعاج أو قلق، لانهم يعلمون تماماً واقع المنطقة وسياساتها، كما ان الفرنسيين والسعوديين يدركون ايضاً ان امراً بهذه الضخامة لا يمكن ان يحصل في ظل عدم الرضى الاميركي، كما ان واشنطن على دراية بعدم تقبّل لبنان اي هبات ايرانية او روسية بسبب الخلافات السياسية الكبيرة التي تسود الساحة اللبنانية وانقسام الافرقاء بين مؤيد لايران ومؤيد للسعودية.

على اي حال، وفي انتظار التطورات الميدانية التي يمكن ان يحملها معه فصل الربيع بالنسبة الى الواقع السوري، فإن المطلوب من الجيش منع اي "انفلاش" للارهابيين نحو الاراضي اللبنانية، وهو سيزود بالاسلحة الكافية لتحقيق هذا الهدف بالتحديد، دون ان يكون مصدرها فرنسا بطبيعة الحال.

(1)بتاريخ 7/2/2015، ابلغ وزير الخارجية الفرنسي ​لوران فابيوس​، رئيس الحكومة تمام سلام خلال لقائهما في ميونيخ أن "الشحنة الأولى من الأسلحة الفرنسية التي تمّ التعاقد عليها في إطار الهبة السعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار، ستصل إلى لبنان في الأسبوع الأول من نيسان المقبل".