باستثناء التوضيحات الموضعية لحزب الله ولمقربين من 8 آذار على شهادة الرئيس فؤاد السنيورة التي تضمنت تفسيراً لوقائع معينة مغلوطة ساقها وسردها رئيس كتلة المستقبل النيابية امام المحكمة الدولية يمكن القول ان كلام السنيورة كما كلام من سبقوه الى الشهادات في حضور المحكمة الدولية «عبر بسلام وسيعبر ايضا رغم خطورته لبنانياً» لعدة عوامل واعتبارات منها ما يتعلق بالوضع السياسي او الامني او لجهة اعتبار اتهام حزب الله من قبل السنيورة وفريقه ليس جديداً او مفاجئاً فما يفكر به السنيورة وبعض المستقبليين منذ الساعات الأولى لوقوع جريمة الاغتيال ليس مختلفاً عما يفكرون به اليوم او غداً، كما ان جزءاً اساسياً من تيار المستقبل بحسب اوساط في 8 آذار، لم يهضم بعد الحوار الذي سار به زعيمه سعد الحريري ولا يزال يطلق النار عليه من دون ان يتمكن من اصابته مقتلاً بعدما قرر الحريري سلوك خط الاعتدال ووضع خلافاته جانباً وتحييدها مع حزب الله من اجل المصلحة الوطنية وابعاد شبح «داعش».

فرئيس كتلة المستقبل وفق الاوساط قال الشيىء ونقيضه امام المحكمة الدولية عندما ربط بين تهديدات النظام السوري للشهيد رفيق الحريري وبين العلاقة التي كانت تربطه بقيادات هذا النظام خصوصاً بتأكيده انه والحريري ما كانا ليصلان الى الحكم لولا تلك العلاقة والقرار السوري، وكذلك فعل في موضوع حزب الله عندما كان يكشف عن اتصالات وجلسات بين نصرالله والحريري وعن توضيحات من قبل حزب الله لبعض المعلومات التي كانت تتحدث عن خطر يتهدد الحريري كما حصل عندما وصل الى الحريري من معلومات عن نية باغتياله ليتبين فيما بعد ان الرواية زرعها الإسرائيليون وفبركها الموساد وقد جرى إعلام الحريري حول تلك الحقائق والروايات في ذلك الوقت كما تقول الاوساط. اما أسوأ ما ورد في كلام السنيورة الذي صمت دهراً ليتكلم بعد عشر سنوات فكان في توريط الشهيد الحريري بقضايا مالية مع السوريين ورشاوى لفريق منهم كان يمسك بالملف اللبناني فيما لا احد يدرك التفاصيل الحقيقية لما كان يجري وكل ما ساقه السنيورة لا يمكن ان يجيب عنه إلا صاحب العلاقة الذي يمكنه وحده دحض او تأكيد تلك الاقاويل.

الواضح ايضاً كما تقول الاوساط ان كرسي الاعتراف في لاهاي لرئيس الحكومة السابق لم تصل الى سحب اعترافات كثيرة منه إلا ما أراد هو إيصاله بعدما انكر السنيورة وهو الخبير بكل الخطط الاقتصادية والاعمارية للحريري الكثير من الامور المالية المتعلقة بملفات طالتها الفضائح واثيرت حولها الشبهات في بنك المدينة، فيما كان المسؤول عن الشاردة والواردة في امور بيت الوسط وقريطم المالية، ووزير المالية في الحكومات الحريرية المتتالية.

وإذا كان ما قيل في الجلسة الثانية امام المحكمة اتسم بالخطورة إلا ان تأثيراته العملية بدت محدودة وفي مستوى ردات الفعل المضبوطة الإيقاع، فشهادة السنيورة برأي البعض كانت ستضع الحوار على المحك خصوصاً ان الرجل الاقتصادي والسياسي في المستقبل والمستاء من الحوار يملك قدرات استثنائية يمكنها قلب بعض المعادلات، لكن رجحان قوة الاعتدال التي فرضها سعد الحريري باتت تغلب على الوضع اللبناني وهي لن تسمح كما تقول الاوساط ان يسدد السنيورة ضربته للحوار الذي يعارضه السنيورة اصلاً والذي فرضه الحريري منذ عودته الاولى الى لبنان بعد معركة عرسال وكرسه في الزيارة الثانية ووضعه موضع التنفيذ. فالحوار كما بات واضحاً حاجة اساسية في الوقت الراهن من اجل تمتين الوحدة الداخلية ومواجهة التحديات المفترضة وهو باق حتى لو صدرت مذكرات اتهامية من لاهاي بحق حزب الله كما تؤكد الاوساط، وما يقال في المحكمة يبقى في لاهاي وكل ما يقال لا يمكن تكذيبه او تثبيت صحته فالروايات كثيرة ورفيق الحريري غير موجود ولا يوجد معطيات كافية وادلة موضوعية تؤكد صحة ما يقال وبالتالي فان ترددات لاهاي وتأثيراتها اللبنانية تبقى محدودة وترصد بعض الاوساط التي تقود الحوار مؤخراً الكثير من الذبذبات على حوارها وبعض القيادات المستقبلية صارت متضايقة ومنزعجة من حملات السنيورة وبعض فريقه السياسي ضد الحوار الذي لا يقبل سعد الحريري بنسفه مهما تعددت الأسباب.