لم تنس ​فرجيني بوغوسيان​ حكاية جدها التي طالما روتها لها والدتها حول المجزرة الأرمنية، هو الذي حضر تلك المذبحة عندما كان في السابعة من العمر ونجا منها بأعجوبة بعد أن البسوه لباساً نسائياً وهرّبوه من مدخنة المنزل لكي لا يقتل على أيدي العثمانيين وقتذاك. لا يزال أقارب فرجيني يحتفظون بصك ملكية منزلهم في "أضنا" والذي اضطرت العائلة الى الهروب منه إبان تلك المجزرة، وأحد أقربائها زار تلك المدينة منذ مدّة ووجد أن المنزل يسكن فيه أتراك...

تتوجه فرجيني كما عدد كبير من الأرمن في لبنان والعالم لإحياء ذكرى الإبادة من قبل السلطنة العثمانية في العام 1915. سنوات طويلة مرّت والشعب الأرمني لم ينس، ومذ ذاك الوقت وهو يطالب ويرفع الصوت علّ الحقوق تعود...

ترافقت مطالبة الشعب الأرمني الدائمة باستعادة الحقوق مع وصف ​البابا فرنسيس​ لما حدث في العام 1915 بحق الأرمن "بالإبادة الجماعية" وهي ليست المرة الأولى التي يشير الكرسي الرسولي الى هذه الإبادة، فقد تحدّث أيضًا البابا السابق بنديكتوس السادس عشر والبابا الراحل القدّيس يوحنا بولس الثاني الّذي وقّع في العام ألفين وثيقة مشتركة مع بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك حينها نرسيس بدروس التاسع عشر وتشير الى أن البشرية إجتازت ثلاث مآس جماعية وغير مسبوقة وإحداها المجزرة بحق الأرمن...

المطالبة حتى استعادة الحقوق!

يتزامن تصريح البابا مع قرار بطريرك الأرمن الأرثوذوكس كاريكين الثاني إعلان قداسة المليون ونصف "شهيد" الذين قضوا في المذبحة، ويأتي في وقت لا تزال تركيا تقرّ بمقتل أعداد كبيرة من الأرمن في حروب مع العثمانيين بدأت عام 1915 عندما كانت أرمينيا جزءًا من الإمبراطورية العثمانية، ولكنها تنفي في نفس الوقت مقتل مليون ونصف المليون أرمني تقريباً حينها وإعتبار هذه العملية "إبادة جماعية". وهنا يشرح الأب ​هوسيب مارديروسيان​ عبر "النشرة" أن "الأرمن يحيون ذكرى المجزرة في الرابع والعشرين من نيسان لأنه وفي هذا اليوم من العام 1915 جمعت الدولة العثمانية القياديين، المثقفين ورجال الدين الأرمن وسجنتهم لتقوم بعدها بإرتكاب مجزرة بحقهم وهم من كانوا متجذرين في تركيا".

ويشدد الأب هوسيب على "المطالبة بالإعتراف بكلمة "إبادة" لأن خلفها حقوقًا نريد إستعادتها ووحدها المحكمة الدولية تقررها إذا قدمت الدعوات، فهناك كنائس وأملاك خاصة وأرواح مليون ونصف شخصاً وكلّهم يحتاجون للتعويض".

للإعتراف بالإبادة!

أما فرجيني بوغوسيان فتشير الى أن "هذه الذكرى تمثل تاريخنا الذي لن ننساه"، وتقول: "الأتراك يريدوننا أن ننسى وهذا لن يحصل أبداً فنحن سنستمر بالمطالبة حتى الحصول على كامل حقوقنا المعنوية والمادية".

بدورها، ترى ​آني فارتابيديان​ أن "ما يتعرض له المسيحيون في الشرق على أيدي التكفيريين يشبه ما حصل معنا قبل مئة عام فالهدف يشبه هدف الأتراك آنذاك وهو تدمير شعب وإلغاء حضارة"، وتلفت الى أنه "كما المسيحيون يصارعون للصمود والبقاء والتجذر كذلك سنستمر نحن بالمطالبة حتى استعادة الحقوق"، مطالبة العالم بأن "يحذو حذو البابا فرنسيس ويعترف بأن ما حصل كان "إبادة" وليست مجزرة عادية فهذه الكلمة تغير التاريخ"، وتضيف: "مع هذا الإعتراف نستعيد حقوقنا ونستطيع إستعادة أملاكنا والعودة الى أرضنا التي سلبت منا".

وجه البابا فرنسيس بتصريحه حول "الإبادة" الارمنية رسالة واضحة الى تركيا في وقت يستمر فيه الأرمن بالمطالبة بحقوقهم والاعتراف "بالابادة الجماعية" التي لحقت بهم في العام 1915، فهل سينجحون بذلك فيستعيد الشعب الأرمني حقوقه التي سلبت منه أم أن المطالبة ستستمر الى أجل غير مسمى دون جدوى؟!