ليس على شامل روكز أن يقفل خطّه هذه المرة ليبدأ بالدمار الشامل، ففي أيّ ساعةٍ قد يرده اتصالٌ نهائي من حميه العماد يُعلمه بارتفاعه طبقةً في اليرزة ورتبة في البزّة.

إما شامل وإما التمديد لجان قهوجي... هكذا تبدو المعادلة التي رُمِيت على طاولة الرابية أخيرًا، والتي شارك حلفاؤها في خطّها تماهيًا مع موقفهم الرافض للفراغ في المؤسسات الأمنية.

حساباتٌ مختلفة

للرابية حساباتٌ مختلفة بات الحلفاء كما الخصوم على بيّنةٍ منها. فالعماد الغائص في تركيبةٍ حواريّة مع معراب أثمرت وحدةً حول مقاطعة التشريع وربط حضور الجلسات بقانوني الانتخاب والجنسيّة، ما زال يأمل بالخروج من الغرفة التي ستجمعه بالدكتور سمير جعجع ظافرًا في بعبدا. ولكن قبل كلّ ذلك، ما الذي قد يجعله يقبل بصفقة روكز-عثمان التي قد تقرع باب رابيته في أي وقتٍ وهو العالم بأن وصول رئيسٍ للجمهورية وقائدٍ للجيش من منبع سياسي واحد أشبه بضرب جنون سياسي لا يُقدِم عليه الحلفاء قبل الخصوم؟

همسٌ موثّق

لم يُبلَّغ العماد عون رسميًا “باصطفاء” صهره المغوار لقيادة الجيش مقابل العميد عماد عثمان مديراً لقوى الأمن الداخلي، ومع ذلك فهم كلّ تفصيلٍ لازم من جلسةٍ واحدة مع السيّد حسن نصرالله. فهم أن روكز قد يكون الحبّة الأولى في سُبحةٍ حلولٍ قد تكرّ لتصل الى الرئاسة... فهم أن حلفاءه لن يرتضوا بفراغٍ في المؤسسات العسكرية، وأن هامش مناورتِه بات محصورًا بين قبول التمديد لقهوجي ومباركة وصول صهره ولو كان ذلك على حساب حلمه الرئاسي. ذاك الحلم الذي علمت “​صدى البلد​” أنه تحوّل الى ما يُشبِه الهمس الموثّق في الرابية والقائم على فرضيّة عودة الجميع الى المرشّحين الوسطيّين وهو ما بات بعض العونيين على مستوى الكوادر لا القاعدة يسلّمون به، خصوصًا أن الحديث عن تبني روكز قائدًا للجيش يدعّم صحّة همسهم، على أنّ تأكيد عون الأخير أنه لم يطلب أن يكون شامل روكز قائدًا للجيش منحهم بعض المؤشرات المرتبطة بالخطوط العريضة للمرحلة المقبلة.

التسوية لم تلامس الرئاسة

في الرابية قناعة بأن ما يُتدَاول ليس بالون اختبار لأعصاب عمادها، بل تسويةٌ وُضِع عون في إطارها العام من دون أن “يُخدَش” طموحه الرئاسي علنًا، وهو ما رسّخ قناعةً لدى مقرّبيه مفادُها أن “التسوية التي ستأتي بشامل قائدًا للجيش لم تصل بعد الى ملامسة الملفّ الرئاسي وبالتالي كلُّ شيء وارد أو قلْ مرجأ الى أن يولد موعدٌ جدّي لانتخاب الرئيس. والى أن يحين ذاك الموعد، تجد الرابية نفسها في حالة انتظار لموفد الحريري من دون أن يشلّ هذا الانتظار تحضيراتها الأخيرة لحوارها المُنتظَر مع معراب التي يبدو أنها تحيّد نفسها عن موضوع قائد الجيش وفق معلومات خاصّة لـ”البلد”، وتأبى الربط بينه وبين حوارها الواسع مع الرابية خشية أن تُرمَى كرة أيّ عرقلة محتملة في ملعبها.

ورقة مقابل أخرى

وصل الخبر السيّئ الى الرابية... لا بل هي قرأته بحنكةٍ لتجيد الردّ على كلّ قائل إن حلم الجنرال الرئاسي تضعضع فعلاً، ورغم ذلك بقيت تتعاطى معه على أنه مجرّد “تحليل” يتمسّك بحقّ ربط حصول الجنرال على ورقته العسكرية بتخليه عن ورقته الرئاسيّة. وهكذا يكون تعيين “الصهر الناضج” بمثابة جائزة ترضية لعون بعد سحب “امتيازه الماروني” بالترشّح لمقعد قصر بعبدا منه بالرضى، على أن يكون دوره فاعلاً وجوهريًا في عملية اختيار الرئيس الوسطي الذي سيحرص وحلفاؤه هذه المرة على ألا “ينقلب” عليهم كما فعل الرئيس السابق ميشال سليمان.

طبخة غير متكملة

لا يشي الكلام المُعلَن في كواليس “المستقبل” بأن الرئيس سعد الحريري سيهاتف عون بعد ساعاتٍ ليبلغه بموافقته وقوى 14 آذار برمّتها على تعيين روكز خلفًا لقهوجي، ومع ذلك يمكن الاستقاء من صمت “مستقبل الداخل” وإيثاره “التغزّل” بـ “محاسن” روكز العسكرية والخلقيّة أن الطبخة بلغتهم ولكن غير مكتملة. وعلمت “صدى البلد” في هذا المجال أن “روكز الذي استحقّ احترام الجميع منذ معركة نهر البارد يحتفظ بأسهم مرتفعة في بورصة المستقبل، وأن فاعلين داخل التيار الأزرق ضغطوا على قياداتهم في اتجاه تبنّي خياره لكفاءته في هذا المنصب".

جدليّة...

هي جدليّة الفراغ أو التمديد وحدها التي قد تدفع عون الى “المغامرة” بورقة روكز، لا لأن الرجل غير أهلٍ لهذا المنصب بل لأنه متى بلغ “سدّة” قيادة الجيش فلن يحمل معه أي رزقةٍ رئاسيّة لعمّ الرضى، إلا أنه قد يحمل رزقة لقصر بعبدا ومعه للمسيحيين تحديدًا واللبنانيين عمومًا بإنهاء حكاية الشغور المملّة وإعادة الحياة الى المركز الأول في الدولة. أقلّ من خمسة أشهر تبقى أمام عون ليفكّر جديًا في ما قد يحمله اليه تعيين روكز في قيادة البلاد العسكرية. هو يعلم جيدًا أن خسارته معركة الرئاسة لا تعني البتّة خسارته حربه الشعبيّة في أوساط المسيحيين لا سيّما في وجدانات ذوي أحياء البزّة المرقّطة وشهدائها... هؤلاء يحفظون لابن مؤسستهم وفاءً ستتسع مكانتُه في قلوبهم متى قادهم ذاك القادر وحده على منافسة العماد الثمانيني... شامل روكز، زوج كلودين ميشال عون، ملهم المغاوير الشباب... ذاك الصلب بصمته قبل سلاحه.