أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى اننا "نحن اليوم نعيش لحظات مصيرية، وواقع منطقة تتخابط بالقتل والإبادة، والخطأ مع الله يعني خسارة القيامة. لذلك المطلوب أن نكون مع الحق، وإن كان مرّاً، وأن نبذل في سبيله النفس والمال والولد، وأن تكفّ هذه الأمة عن الدم الحرام، والفتنة الحرام، ألا وإن علماء هذه الأمة مطالبون أشد المطالبة يوم القيامة، فمن رضي بفتنة أو حرّض عليها، كان شريكاً بالدم الحرام يوم الله الأكبر، كما أن المطلوب من السياسيين أن يعوا أن الأرض طريقاً إلى السماء، وأن الإنسان وديعة لا بد أن تترحّل، وأن الخاسر من خسر الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

وتوجه في خطبة الجمعة إلى المسؤولين اللبنانيين، قائلا: "إن ما أنتم عليه من خصومة وكيد وتنازع وتحدٍ وتعدٍ على حقوق الناس ومصيرهم، وعلى ديمومة هذا البلد وثباته بثوابته، وبضرورة الشراكة الوطنية الحقيقية بين كافة مكوناته، لأمر خطير جداً، بل من شأنه أن يعرّضنا جميعاً إلى لحظة افتراقية نأمل ألا نصل إليها، لأن في ذلك تهديداً فعلياً لكل أساسيات هذا اللبنان الذي لا نريده إلا واحداً موحداً، قوياً بتماسك أبنائه وبتضحياتهم، من أجل أن يستمر موئلاً لتفاعل الأديان وتلاقي الحضارات، لا تهزه الأعاصير، ولا تبدّل هويته التحويلات، ولا تخدش صيغته وميثاقيته التحديات، مهما بلغ حجمها، لأن لبنان الذي ارتضيناه وطناً لجميع أبنائه هو خيارنا جميعاً، ومسؤوليتنا جميعاً".

وشدد على ان "لا يجوز تحت أي عنوان أن نعمل على تقويضه وتهديمه، فنحن لسنا مخيّرين بل مجبرون بأن نحافظ على هذا البلد، وبأن ندفع عنه كل سوء، وبأن نصونه من كل تهوّر، وهذا لا يتحقق إلا بعودة الدولة ومؤسساتها التي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، وما لم يتم ذلك، يعني أننا لسنا في دولة بل في مستنقع من الفوضى والشلل والفراغ، وكل الأمور والقضايا إلى تفاقم قد يليه انفجار لا أحد يعلم مدى تشظياته وانعكاساته، وكيف ستكون حال لبنان الآتي الذي لن يكون حتماً يشبه لبنان الذي عرفناه ونرغب بأن يكون".

وحذّر من "جرّ البلد إلى فتنة، يراد لها أن تكون مقدمة لحرب إسرائيلية، تستفيد منها مرتزقة التكفير وتجار الوطن. لأن ما جرى في بعض المناطق اللبنانية من إطلاق نار وقطع للطرقات بخلفيات حزبية ومذهبية، مؤشر خطير ودلالة واضحة على أن هناك من يريد تحويل البلد إلى متاريس وحواجز طائفية ومذهبية من جديد. إن البلد على كفّ عفريت، وخلاصه بأيدينا وليس بأيدي غيرنا، فلننزع كل الأقنعة المستعارة والمستأجرة، ولنبادر فوراً إلى عقد لقاء وطني دائم ومفتوح، تلتقي فيه كل القيادات الفاعلة والمؤثرة والحريصة على لبنان، وتبدأ حواراً معمّقاً وبحثاً جدياً لا يتوقف إلا بالتوافق والتفاهم على كل القضايا الوطنية والمصيرية، وفي مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية، وإقفال هذا الملف الوطني الحساس في وجه كل السمسرات والبازارات الدولية والإقليمية، وليكن قولنا وفعلنا هو مصلحة لبنان وخدمة لبنان وعودة لبنان سيداً حراً مستقلاً".