على عكس ما يتوهم خصوم رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون لم تنته المعركة الداخلية لا في السياسة ولا في التكتيك ولا بالاستراتيجيا. كان بإمكان دولة الرئيس ميشال عون او الجنرال كما يحب ان يناديه قيادة تيار الوطني الحر او تكتله للتغيير والاصلاح، ان يكون اكثر براغماتية في رئاسة الجمهورية والتمديد لمجلس النواب وفي كل التعيينات الامنية والادارية والمسروق منها بالتمديد او بالتأخير واخيراً في التمديد للعميد شامل روكز. في الرابية ودائرتها تعني مغادرة روكز كمغادرة اي ضابط او قائد فوج مرفوع الرأس الى التقاعد. فهو كضابط جدير وكفوء ومواظب خدم وطنه بإخلاص وتفان وقاتل ببسالة وشجاعة حيث يجب وكافأه القدر ببعض الجروح وعمر اطول في ساحات الشرف. ماذا تعني مغادرة روكز، يسأل المحبون والخصوم والمهتمون اهل الرابية وكل من "يهمه الامر" ليجدون الجواب في منتهى البساطة. ذهب الى منزله مرفوع الرأس ولم يقبل الا ان يعامل كعسكري شريف وكضابط نال كل ترقياته بجدارة واوسمته بالعرق والدم فلماذا يقبل ان يؤخر تسريحه او يخرق القانون ليبقى؟

فمتى كان التيار الوطني الحر راكضاً وراء الالقاب او التسميات او المناصب. فالحق الذي لا يعطى، حق مكتسب ولو بعد حين حتى ولو اضطر صاحبه الى استرداده بأي طريقة ممكنة ومشروعة. يضحك اهل الرابية من سذاجة البعض ومن اعتقادهم انهم سجلوا انتصاراً على العماد عون وانهم كسروه وربحوا جولة اخرى بعد تعطيل الرئاسة وسرقة كل الاستحقاقات. فميشال عون هو نفسه اينما كان صاحب الكلمة والموقف والثابت على موقفه والوفي لكل من عاهده وصادقه. لا يعرف الغدر او التقلب يعترف بالخطأ ويتراجع عنه صادق ويعتذر عن هفواته هو يمتلك كل هذه الصفات فماذا يمتلكون هم؟

احدهم ازاحت الوصاية السورية من امامه 60 ضابطاً ليعيّن قائداً للجيش، ويعتقد ان كل الكرة الارضية تيمنت بإسمه الكريم واجتمعت البشرية جمعاء في الدوحة لتأتي به رئيساً وهو ما زال حتى اليوم يعتقد انه ما زال رئيساً ويمارس هذا الوهم الرئاسي من مكان ما اشتراه ليس بتعويضه كقائد للجيش انما بمال قبضه ثمن الانقلاب على الاتفاق الذي اتى به رئيساً وليسجل لملك خلف الصحارى مواقف على حساب سورية والمقاومة وايران وهو بالامس القريب ارسل الى الرئيس الفرنسي رسالة يقترح فيها نقاطا هامة لانهاء النزاع في سورية كأن فرنسوا هولاند يمتلك في جيبه الحل وكأنه ليس اول المهرولين الى طهران لابرام العقود التجارية والصفقات النفطية بالمال النظيف ووفقا لشروط ايران ومرشدها الاعلى الذي ما ابقى ذاك الرئيس السابق القابع في مكان مجاور للقصر الجمهوري على باب الا وطرقه لينال بركته وموافقته ليعيّن رئيساً للجمهورية وليعدل الدستور وترتكب الخطيئة نفسها في كل مرة تعجز فيها الطبقة السياسية وكما جرت العادة منذ تأسيس لبنان ان تكون صاحبة كلمة وموقف وقرار.

ذاك الرئيس السابق يعتقد انه كسر ميشال عون وكسر شامل روكز ويحاضر في الدستور والسيادة ويهاجم حزب الله وسورية وايران. فهل نسي كم مرة سعى خلال قيادته للجيش الى ان يكون رئيساً ؟وكم مرة سلف في بعض الحوادث على ظهرهم خصومهم ،لاسترضائهم؟ وكم مرة زار الشام وحارة حريك وغيرها من الاماكن التي تضمن لاي ماروني ان يكون رئيساً ولكل ماروني يحلم منذ اول نجمة يعلقها كضابط متخرج من المدرسة الحربية، بأن يصبح قائداً للجيش ومن ثم ينتقل من اليرزة "فوق" الى اليرزة "تحت" من العسكر الى السياسة؟ هذا حق مشروع لكل ضابط ان يجتهد ليصل الى المرتبة الاعلى وحقه الترقية المشروعة في وقتها والاستثنائية في الحروب والمعارك والبطولات. فالمميز والكفوء يجب ان يكافأ لا ان يحارب ويطوق ويحاول كثيرون كسره لانه صهر العماد عون والجميع ،الخصم قبل الصديق، يعلم انه ضابط كفوء ومقدام ونزيه ومثله كثيرون في المؤسسات العسكرية والامنية .لكن مساوىء النظام الطائفي البغيض والاستسلام للانتماء لهذا الزعيم السياسي والطائفي يفرضان الولاء كي ينال حصة من هذه الجبنة او الكعكة المحلاة واسمها تعيينات ومناصب والسلطة في لبنان.

شامل روكز وفق اهل الرابية ذهب ليرتاح ليعود بعد مدة قصيرة اكثر حيوية ونشاطاً كعادته والوقت امامه ليكمل مسيرته حيث يجب ان يكون. اما العماد عون فتركهم الاحد على طريق "قصر الشعب" ينتظرون ما سيقوله وينتظرون رد فعل ما يعتقدون انه انفعالي وارتجالي وساذج وعشوائي. لكنه كعادته ترك الكلمة الفصل للتوقيت الفصل فهم يقطعون الوقت وينتظرون حدوث المتغيرات من "عاصفة الوهم" في اليمن الى العراق فسورية. لكنهم اخطأوا في الحساب واتاهم الدب الروسي الذي وضع المنطقة كلها على مسافة فصل يلزمها بعض الوقت والنضوج ليتبين مآل الامور في المنطقة.

ميشال عون تفوق على خصومه في التكتيك وانسجم مع حلفائه في الاستراتيجيا. وهو اليوم مساء عبر شاشة الاوتي تي في سيشرح لهؤلاء ما هو الفرق بين التكتيك والاستراتيجيا وما هو المصير الذي سيواجهه خاسر تابع لخاسر وتابع تابع لتابع والسبحة ستكر... هي مسألة وقت فقط.