وكأن في بلدة عرسال الحدودية، هناك من يبحث عن حجة لتأجيل الإنتخابات البلدية فيها. فتارةً يصرح رئيس البلدية ​علي الحجيري​ لإحدى الصحف بأن الوضع الأمني الذي تعاني منه البلدة لا يسمح بإجراء الإنتخابات، وتارةً أخرى تخرج أصوات عرسالية بنظرية أن المواقع التي إختارتها وزارة الداخلية والبلديات كي تكون مراكز إقتراع بعيدة عن البلدة والأحياء السكنية الأمر الذي سيصعب مهمة الإقتراع أمام المشاركين. وبين الذريعة الأولى والثانية يتحجج البعض داخل عرسال بأن تخفيض وزارة الداخلية عدد مراكز الإقتراع من خمسة الى مركزين فقط، سيخفض حكماً عدد المقترعين نظراً الى الزحمة التي سيشهدها المركزان المخصصان للتصويت.

بين ما يقال في عرسال على ألسنة المرشحين، وما يسجل في الكواليس من إتصالات تقوم بها جهات سياسية لتأجيل الإستحقاق، يكشف المتابعون للتحضيرات الإنتخابية أن ما قامت به وزراة الداخلية حتى الآن، أكان في ما يتعلق بإختيار مواقع مراكز الإقتراع أو بالنسبة الى الخطة الأمنية التي سترافق العملية الإنتخابية وما تم رصده من عناصر أمنية وعسكرية لضبط الوضع يومي السبت والأحد المقبلين، هو عين الصواب. وتشدّد المصادر على أنّ "كلّ ما يحكى عن تأجيل الإنتخابات في عرسال هو من باب التهويل، ومصدره المتضررون من إجرائها".

على هامش هذا السجال الدائر في عرسال، من المتوقع أن تتخفض نسبة الإقتراع في البلدة التي تضم لوائح الشطب فيها حوالى 15000 ناخب، ولكن ليس للأسباب التي يتذرع بها البعض كبعد مراكز الإقتراع عن الأحياء السكنية وتخفيض عددها من قبل وزارة الداخلية، وفي هذا السياق يكشف مصدر أمني، أن إنخفاض نسب الإقتراع عن الدورات الانتخابية السابقة أمر متوقع لثلاثة أسباب.

السبب الأول يعود الى إنخراط البلدة في الحرب السورية، ما دفع عدداً كبيراً من شبانها وهم من الناخبين اللذين يشاركون عادة في الإنتخابات، الى الإلتحاق بصفوف المجموعات المقاتلة في سوريا ضد جيش النظام وحلفائه، وبالتالي لن يتمكن هؤلاء من التصويت بحكم وجودهم خارج عرسال، وبحكم أنهم باتوا من أصحاب الملفات الأمنية التي لها علاقة بالإرهاب.

معركة عرسال 2014 التي شنها تنظيما "داعش" و"​جبهة النصرة​" الإرهابيان ضد ​الجيش اللبناني​ وما تبعها من تداعيات وتفجيرات وأحداث أمنية متتالية، هي السبب الثاني الذي سيخفض نسب الإقتراع إذ إنّ الذين تورطوا من شبان عرسال بتلك المعركة، والذين تعاملوا فيما بعد مع المجموعات الإرهابية المحتلة لجرود البلدة، مطلوبون للقضاء اللبناني بمذكرات توقيف، ويتوارون عن الأنظار منذ سنتين، لذلك حتى لو كان هؤلاء داخل عرسال، فلن يتجرأ أحد منهم على التوجه الى مركز الإقتراع للإدلاء بصوته خوفاً من توقيفه من قبل الأجهزة الأمنية.

أما السبب الثالث، فالوضع الأمني المستجد في البلدة منذ بدء الحرب السورية بسبب الأحداث وعدد النازحين الكثيف، كلها وقائع تزرع الخوف في نفوس بعض الناخبين.

إذاً، في حال فشلت محاولات بعض الأفرقاء السياسيين بتأجيل إنتخابات عرسال، ستنخفض نسب الإقتراع للأسباب المذكورة أعلاه فقط والعملية لا تحتمل المزيد من التأويل والتهويل.