تتسابق الدول الداعمة للإرهاب على تحقيق أي نصر أو مكسب في سورية والعراق؛ من دول الجوار كتركيا والسعودية والأردن والعدو "الإسرائيلي"، إلى ما وراء البحار والمحيطات، كفرنسا وبريطانيا، فيما تنظر الولايات المتحدة إلى كل الجمع بعين الريبة والخذلان، لأنهم يريدونها أن تذهب نحو التصعيد والتورط العسكري المباشر، ومدّ مجموعات الإرهاب بالأسلحة.

ببساطة، كل هذا الرهط يعلن استعداده للانخراط في العمل العسكري والعدوان المباشر على سورية، لكن ضمن تحالف تشارك فيه واشنطن، وبقيادتها، ولهذا تكثر الإغراءات التي تقدم لـ"اليانكي".

الإرهاب الذي بدأ يوزّع "عطاياه" في كل اتجاه، بدأ في رحلة العودة من حيث أتى، في ظل الانتصارات الهامة التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه، وفي ظل الانتصارات التي يحققها الجيش العراقي والحشد الشعبي، بينما الدول الدعمة للإرهاب، خصوصاً السعودية التي بدأت بدورها تصعّد في كل الاتجاهات، تهدف إلى تعميم الفوضى في كل المنطقة العربية والمحيط، والذي تجلى في أشكال مختلفة، أبرزها:

1- الضغط على الأردن من أجل العودة إلى المشاركة الفاعلة في الحرب على سورية، وإعادة تفعيل "غرفة عمليات مورك"، وتحديثها، لكن أمام تردّد عمّان كان الضغط المباشر في عدة عمليات إرهابية في الأراضي الأردنية، لم يعلن عنها، وآخرها كان ما اضطرت قيادة الجيش الأردني لإعلانها عن هجوم إرهابي نفذه عناصر من "داعش" تسللوا من الأراضي السورية، واستهدفوا الساتر الترابي مقابل مخيم للنازحين السوريين في منطقة الرقبان، ما أدى إلى سقوط نحو عشرة قتلى من أفراد حرس الحدود والدفاع المدني والأمن العام، وجرح 14 آخرين.

2- وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد استبق زيارته إلى الولايات المتحدة بزيارة للأردن، وقد حملت ترغيباً وترهيباً، علماً أن هذه الزيارة الأردنية لم تحظَ بالاهتمام الإعلامي الأردني الكافي.

3- التصعيد البحريني بدعم مباشر من الرياض، ضد شعب البحرين، والذي تجلى في أبشع صوره باندفاعة سلطة المنامة إلى بدء سحب الجنسيات من مواطنين بحرينيين أباً عن جد، في وقت توسع عملية تجنيس السعوديين والأردنيين والهنود والباكستانيين، وكان آخر هذه "التقليعة" المعادية لأبسط حقوق الإنسان، سحب جنسية آية الله الشيخ عيسى قاسم، ما قد يُفسح المجال على مختلف التطورات في تلك البلاد، خصوصاً أمام تحويل آلاف البحرينيين إلى أشخاص بلا وطن ولا هوية، ما سيستدعي الدفاع عن حقهم المقدس بالمواطنية بمختلف الأشكال والوسائل.

4- في زيارة ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع إلى واشنطن، والتي وصفها بنفسه من الأردن بأنها ستكون "زيارة تاريخية"، لم تحظَ كما كان يأمل بالاهتمام الكافي، وإن كانت قد تمخّضت عن أمرين:

أ‌- صفقات سلاح جديدة بعشرات المليارات.

ب‌- إبلاغه بما لا يقبل مجالاً للشك بأن المعني بمكافحة الإرهاب في السعودية هو ولي العهد ووزير الداخلية محمد بن نايف.

5- أمام هذا كان التصعيد الواسع في اليمن، وأبرزه كان محاولة "ألعوبة السعودية" عبد ربه منصور هادي نقل "البنك المركزي اليمني" من صنعاء إلى عدن، وفي هذا دلالة كبيرة على مدى التحالف بين السعودية و"القاعدة" والإرهاب الذي له وجود قوي في عدن.

أما على الصعيد التركي، فأردوغان لم يبقَ أمامه من سبيل سوى تصعيد التنسيق مع العدو "الإسرائيلي" أمنياً وسياسياً، ومحاولة تقديم ولاء الطاعة أكثر فأكثر للسيد الأميركي، على نحو دعوته لنصب الدرع الصاروخية في تركيا، وهذا ما يستدعي من الروس تصعيدهم ضد أنقرة، والتي ستدفع الثمن كبيراً على نحو ما حدث في العام 1961، حينما نصبت الولايات المتحدة صواريخها في تركيا، فكانت الصواريخ السوفياتية في كوبا، وهو ما جعل العالم يعد أنفاسه لاحتمال مواجهة بين الجبارين، انتهت بسحب الصواريخ من كلا البلدين، مضافاً إليها تعهد أميركي بعدم العدوان على كوبا، وانتهى الأمر بانتهاء حكم بايار – مندريس.

وربما كان هنا ضرورياً الإشارة إلى زيارة وزير الدفاع الروسي لدمشق ولقائه الرئيس بشار الأسد، والتي أعقبت ببيان لرئيس هيئة أركان القوات الروسية الجنرال فاليري غراسيموف: "نحن من نفد صبرنا حيال الوضع في سورية وليس الأميركيين"، وإن "هذا الوضع ليس من الممكن أن يستمر إلى ما لا نهاية".

ثمة حقيقة، وهي أن واشنطن مربكة بحلفائها في السلم وفي الحرب، وبطيشهم بات وجودها في البر الآسيوي في خطر، ولا بد من دفع الثمن، فمن هو الحليف الأميركي الأول الذي سيكون كبش فداء طيشه؟