حذر كاهن الرعية في بطريركية السريان الارثوذكس غبرييل داوود من محاولات كردية لطرد المسيحيين والعرب من الحسكة، موضحًا انه عندما تدخل القوات الكردية الى أي منطقة تعمل على اللعب بجغرافيتها وديمغرافيتها من خلال قيامها بـ"تطهير عرقي على النهج الصهيوني"، واشار الى انه لا يقصد بذلك كل الاكراد بل الاسايش وقوات حماية الشعب الذين يقومون بتطهير عرقي للمناطق وفصل مناطق سيطرتهم عن سوريا.

وفي حديث لـ"النشرة"، تطرق الأب داوود إلى تعرض المسيحيين في مدينة الحسكة للمضايقات عند دخول الاسايش اليها، فلفت إلى ان هذه القوات لم تتمكن من الدخول الى المناطق المسيحية بل بقيت في حيي غويران والنشوة، مشيرا الى ان قوات السوتورو تصدت لهذه القوات ومنعت دخولهم رغم شراسة المعركة، كاشفا عن وجود غرفة عمليات اميركية - صهيونية موجودة على الارض توجه الاكراد وهو ما يستدعي الانتباه.

وشدد الاب داوود على ان الوحدات الكردية لا تبني دولة بل تفرض سلطتها بقوة السلاح في مناطق سيطرتها مثل المالكية وعامودا الخارجة عن سيطرة الدولة، معتبرا انها تحاول ابتزاز الدولة واقتطاع ما استطاعت من الجغرافيا السورية، وهو حلم بعيد المنال ولا يمكن ان يتحقق في سوريا، وسيعمل الجميع جاهدا لكي تبقى الجغرافية السورية واحدة موحدة.

ورأى ان الوضع المعيشي بالنسبة للمسيحيين في الحسكة والقامشلي هو حال كل الشعب فيها، فهو يعيش حالة الشيزوفرينيا أي الازدواجية، ففي القامشلي مثلا بنفس الشارع يمكن ان ترى شرطة "غرب كردستان" وشرطة تابعة للدولة السورية، بلدية لهم وبلدية للدولة، والمواطن ضائع في هذه الحالة.

ولفت الى ان الاكراد حاولوا فرض مناهجهم التعليمية الكردية لكن للكنيسة مدارس تابعة لها بقيت تدرس المناهج الوطنية السورية ولم ترفع الا العلم السوري فوق مدارسها.

وحول الظروف القاسية التي يعيشها السوريون وخصوصًا المسيحيون في الشمال السوري، قال ان المنطقة تشهد نزيفاً شريانيًا، إذ اصبحت الهجرة تشبه العدوى، فمع بداية الحرب بدأ الجميع يفكر بالهجرة مسيحيين ومسلمين، لكن المسيحيين بشكل خاص هاجروا بكثافة، فاليوم أكثر من النصف من عدد المسيحيين هاجروا خارج البلاد، واسف لان هذا النزيف قد طغى ولا يزال مستمراً مهما حاول البعض خلق حلول وخاصة الكنيسة أيضا.

واضاف انه على الصعيد الشخصي وعلى الصعيد الكنسي ضد فكرة الهجرة، "لكن عندما تكون الظروف اقسى من قرار كنيسة او دولة لا نستطيع ان نفعل شيئاً"، معتبرا ان الدور الغربي واضح في تسهيل الهجرة واستقبال المهاجرين لاتمام ما تريده الصهيونية العالمية.

وتحدث الاب غبريال عن المسيحيين المتواجدين في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، مشيراً الى انهم قلة قليلة بقيت في مدينة الرقة، اما في دير الزور لم يبق احد من المسيحيين، مضيفاً انهم في الرقة امامهم خيارات قاسية، فإما ان يدفعوا الجزية او يعتنقوا الاسلام او قطع رأسهم.

واوضح ان المسيحيين لا يستطيعون العيش في كنف تلك المجموعات الإرهابية مهما كانت تسمياتها، "داعش، نصرة، وغيرها" لانه يؤمن بوجود الدولة ولا يستطيع العيش الا في كنفها ويؤمن بشرعيتها، لذا نراه ينزح ويترك المنطقة التي لا تقع تحت سيطرة الدولة، وقال متاسفا إن الوضع صعب على المسيحيين لانه في المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون هو حال يشبه حال الاسير الذي لا يمتلك قرار نفسه.

وعن امكانية اخراج هؤلاء من تلك المناطق التي تسيطر عليها المجموعات الإرهابية عن طريق قنوات التواصل التي تمتلكها الكنيسة، اكد الاب داوود ان هناك محاولات، "لكن هناك من يؤمن بوجوده بأرضه ويرفض الخروج حتى ولو دفع الثمن حياته"، مضيفاً ان "المسيحيين الموجودين تحت سيطرة داعش وغيرها من المجموعات الارهابية لم يحملوا السلاح، ولم يدافعوا عن وجودهم لان هناك من صعوبات نتيجة قلة العدد، مقارنة بباقي المكونات لكن بحكم تجربته مع شباب السوتورو اكد ان العدد لا يعني شيء فالايمان والصبر لا محال ان ينتصر.

وفي الختام، اكد ان المسيحيين في هذه المنطقة "سوريا ولبنان وفلسطين والعراق و تركيا ومصر" مكون اساسي لهذه المنطقة، "وكمسيحيين نحن اساس هذا الوجود ونحن لا نميز انفسنا عن غيرنا ولا من باب العنصرية، انما نقولها ليعرف الجميع اننا محبون للاخر ونفهم بالاخر ونتمسك به، وهذه كلها يجب ان يعرفها الانسان ويجب ان يعرفها كل من امن بوجوده ومسيحيته وان الله ظهر بجسد على تراب هذه المنطقة في سوريا، لذلك يجب ان نعزز ثقافة بقائنا و وجودنا وصمودنا ومقاومتنا في هذه المنطقة".