حفرت مدينة ​صيدنايا​ في قلوب السوريين المحبّة والتلاقي عند كنيسة السيدة مريم العذراء. كانت الكنيسة ولا تزال جامعة لأهالي سوريا ولبنان والعراق والمؤمنين والسوّاح من كافة بلدان العالم، اذ تعتبر كنيسة السيدة في صيدنايا من اهم الكنائس في الشرق، الى جانب كنيسة القيامة وكنيسة بيت لحم وكاتدرائية صور، ويُجمع الزوّار على أن أعظم كنائس الشرق ثلاث: بيت لحم، صيدنايا، طور سيناء، إضافة إلى كنيسة القيامة وفقا لأهالي صيدنايا.

خلال الحرب السوريّة، لم تغب صيدنايا عن الانظار بل استمرّ أهلها في الاحتفال بعيد ميلاد السيّدة العذراء مسيحيين ومسلمين، لكن هذا العام كان الاحتفال مختلفاً عن باقي السنوات، اذ اجتمع اهل المنطقة المذكورة بالكامل في باحة الكنيسة، بالإضافة الى عدد كبير من اهالي القرى المجاورة وغنوا ورقصوا على انغام الاناشيد الوطنية.

الاحتفال في صيدنايا يأتي في اطار فعاليات مهرجان صيدنايا 2016 الذي اطلقته وزارة السياحة السوريّة، وذلك ضمن احتفالات الوزارة بيوم السياحة العالمي وعيد السيّدة، وبالتعاون مع محافظة ريف دمشق وحضره عدد كبير من الشخصيات الرسميّة على رأسها وزير السياحة بشر اليازجي، الذي نوّه الى ضرورة الاتصال المستمر بين الماضي الأصيل والحاضر الصامد، معتبرا ان كل هذا النشاط والجمال والعمل النابع من ابداع الشباب السوري في ارض الحب والسلام يؤكد رسالة الحياة المتجددة في سوريا بعد كل انحناء لا انكسار.

وقال انه لا يمكن الا ان نجدد ثقتنا ان لا خوف على سوريا وفيها رجال يحمون ترابها كرجال الجيش السوري وفيها شباب وشابات يبنون حاضرها ويبلسمون جراحها ويجعلون مستقبلها راسخا كما حجارة هذا المكان الذي يحتضن النفائس الكريمة.

"النشرة" كانت حاضرة في الاحتفال الّذي بدأ بالموسيقى الكشفيّة استقبالا للمشاركين، ومن ثم قدّاس داخل الكنيسة وبعده احتفال كبير في الباحة الخارجيّة شاركت فيه فرق فلكلورية وطنية.

أحد كبار السن في صيدنايا قال لـ"النشرة" ان هذا اليوم هو مميز بالنسبة للبلدة فقد تقاطر أهالي كل القرى التي حولنا بأعداد كبيرة من جميع الطوائف، وهي أتت لتحتفل بهذا اليوم، واستذكر كيف كانوا يأتون على الأحصنة ويقوم أهل البلدة باستقبالهم بالصلاة والدبكة والأهازيج، وأضاف انه قديما كانت الناس تذهب إلى بستان الدير "بستان الزيتون" وهناك تقام الدبكات.

من جهتها قالت "أم الياس": نحن هنا في صيدنايا رغم كل ما مرّ من ظروف على بلدنا سوريا، ومحاولات التفرقة بين أبناء سوريا من مسيحيين ومسلمين، إلا أننا ما زلنا وسنبقى نعيش يداً واحدة، فالمسلمون يشاركوننا العيد ليس من اليوم بل منذ زمن بعيد.

وتقول سيدة أخرى مسلمة، إن السيدة العذراء هي مكرّمة لدى جميع الأديان مسلمين ومسيحيين وهذا عيدنا جميعا ولا وجود أي تفرقة بين الديانتين.

وأكد الشاب جورج أن هذا اليوم هو عيد لمدينة صيدنايا فالعذراء مريم هي من تحمي بلدتهم من كل شر وتكريمهم لها وثقتهم بها يزداد كل يوم.

يذكر ان في الكنيسة وُضِعَت أيقونة السيدة العذراء التي رسمها القديس لوقا وهي واحدة من خمس أيقونات رسمها هذا القديس-الطبيب كما أكدت الأبحاث التاريخية أن "والدة الإله هي التي دبّرت هذا الأمر لتكون هذه الأيقونة في ديرها وفي طاقة الشاغور".

وايقونة السيدة العذراء التي كتبها لوقا الانجيلي بخط يده مابين عام 63 -67 بالقدس لا تزال موجودة في دير سيدة صيدنايا.