بعد طول عمل وعناء ولقاءات ومتابعات، تطلق الحملة الوطنية لحماية حوض الليطاني من النبع الى المصب اليوم الوطني في 23 الجاري بمشاركة واسعة من الفعاليات والمؤسسات الرسمية والبلديات واتحادات البلدية والطلاب وكافة القوى الاهلية والمدنية والحزبية من حركة أمل وحزب الله لوقف المجزرة البيئية التي يتعرض لها النهر، هذا الشريان الحيوي والعامود الفقري للثروة المائية اللبنانية.

وتتسلح الحملة هذه المرة وعلى عكس المرات السابقة بضمانات رسمية من الدولة وأجهزتها الامنية والقضائية لتشديد العقوبات على كل المعتدين على النهر وحرمته من بلديات ومنتزهات وكل الملوثين له، وتحمل الحلول لتقديمها للدولة لتبني على الشيء مقتضاه، وتتطلع انطلاقاً من ذلك ليكون هذا اليوم مهمًّا على مستوى الجنوب والوطن في تنظيف محيط النهر ومجراه ليعود ثروة وطنية يستفيد منها كل ابناء الوطن.

ولكن هل يكفي ذلك ليكون محطة على طريق وقف التلوث وانقاذ الليطاني الذي يستصرخ كل الضمائر الحية في هذا الوطن؟

يؤكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​علي فياض​ وجود جدية لاعادة ​نهر الليطاني​ شريان حياة، "وفي اليوم الوطني لنهر الليطاني ستتضافر الجهود والامكانات الرسمية والاهلية"، مشيراً الى ان معدلات الاصابة بالسرطان ترتفع في البلدات المحاذية لمجرى الليطاني، وهو أمر بالغ الخطورة، لافتاً إلى أنّ الجميع سيشارك في الحملات التي تقام في هذا اليوم من نظافة وتوعية وصولا الى احالة الملوثين للقضاء اللبناني.

وفي حديث لـ"النشرة"، يوضح فياض أنّ رئيس الحكومة تمام سلام ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وضعا كل الامكانات لانجاح هذا اليوم الوطني بكل فعالياته، مشيرا الى ان هناك عدة مصادر للتلوث لنهر الليطاني من القرعون الى القاسمية ومنها المرامل التي اقفل العدد الكبير منها والمنتزهات، علماً أنّ هناك وبحسب أحصائية حديثة 125 مجروراً يصبون في نهر الليطاني والحل يكون باقامة الجور الصحية، كما أنّ هناك 4 قرى شبكات صرفها الصحي تصب في النهر والحل يكون ببناء شبكات تكرير لها، من دون أن ننسى بحيرة القرعون التي تعتبر مصدرا اول للتلوث وروائحها باتت مصدرا للامراض في البلدات المحيطة حتى ان مياهها لا تصلح لري المزروعات.

وفيما يكشف فياض انه بعد اتمام فعاليات اليوم الوطني هناك عقوبات ستفرض على المعتدين على النهر والقوى الامنية والقضائية التي ستأخذ العلم ستقوم بدورها في هذا الاطار، يشرح مسؤول الشؤون البلدية والاختيارية لحركة أمل في اقليم الجنوب محمد عواضة من جهته اهداف هذا اليوم بالقول ان الحملة الوطنية لانقاذ نهر الليطاني تضم مجموعة من القيادات على المستوى الوطني من نواب وممثلين في الادارات الرسمية ومن حركة أمل وحزب الله تعمل على خطة متكاملة لانقاذ هذا النهر، مشيرا الى ان الحملة اطلقت في الاونيسكو برعاية رئيس الحكومة تمام سلام، وكل فعالياتها ستنزل على الارض في 23 الجاري وسيشارك فيها وزراء ونواب ورؤساء مصالح رسمية ورؤساء اتحادات بلدية وبلديات ومخاتير وجمعيات اهلية ومجتمع مدني وكشاف وطلاب مدارس وثانويات وجامعين.

وفي حديث لـ"النشرة"، يوضح عواضة أنه في هذا اليوم الوطني سيكون هناك تجمعات كبرى على مجرى النهر من المنبع في نبع العليق وصولا الى المصب في القاسمية، وهذه المحطات على جسر القاسمية، قعقعية الجسر، طير فلسية، الخردلي، الدلافي، بحيرة القرعون، وعلى النبع في البقاع فضلا عن محطات اخرى، وسوف تشمل الحملة ازالة النفايات من على محيط النهر وجيف مرمية في عمقه وبقايا اليات عسكرية اسرائيلية منذ ايام الاحتلال الاسرائيلي، وهذه كلها سيتم ازالتها من خلال التجمعات الاساسية التي تحددت مهماتها وعملها ميدانيا على الارض لتنظيف النهر ومحيطه وجوانبه وقعره.

لكنّ عواضة يدرك ان هذه الخطوة ليست العصا السحرية لانقاذ النهر مباشرة انما هي اولا لوضع حد للتلوث حتى لا يزداد وثانيا لوضع خطة ومتابعتها عبر الادارات والهيئات المعنية من اجل وقف التلوث نهائيا واعادة النهر شريانا حيويا كما كان عليه ما قبل التلوث، ويلفت في هذا السياق الى ان الاستراحات والبلديات التي تسبب التلوث سيتم وقفها من خلال السلطات الامنية والقضائية والبلدية لمنع توجيه الصرف الصحي من الاستراحات الى النهر، كما ان هناك اماكن ستقام فيها محطات تكرير للقرى التي تحول الصرف الحي منها الى النهر، وهي ستقام بأسرع وقت لوقف هذه المجزرة، كما سيتمّ إعادة تشغيل محطات الصرف الصحي المتوقفة عن العمل في بعض الأماكن.

وفي سياق متصل، يكشف عواضة أنّ الحملة تعمل على اقتراح قانون لتشديد العقوبات على كل من يعتدي على النهر وحرمته، وايضا على تأمين التمويل اللازم والمرصود اصلا من اجل التسريع بالخطوات، وهي سوف تمنع حفر الابار في حوض الليطاني على مسافة معينة كما هو معمول به بالنسبة لنهر العاصي حتى تعود الينابيع وتتفجر من جديد لتغذي نهر الليطاني.

أما عضو لجنة حماية الليطاني ​علي عميص​، فيؤكد لـ"النشرة" ان مشكلة تلوث الليطاني متاصلة في العقلية البشرية منذ زمن طويل، "فبعد ان كان الناس يستسهلون رمي النفايات والتعدي على مجرى النهر بمختلف الأمور، وبعد ان اصبحت المشكلة كارثة لازدياد التعديات والكثافة السكانية، وبعد ان بدات العقلية البشرية بالتغير آخذة من الحفاظ على البيئة اولوية لما فيها من الحفاظ على امننا البيئي والاجتماعي والاقتصادي، اصبح من الضروري البحث عن حلول جذرية، فكانت هذه الحملة التي تطال ويجب ان ينخرط فيها الجميع دون استثناء". ويضيف: "نحن جميعا مدعوون في 23 من الجاري للمشاركة باطلاق الحملة والسهر على حماية النهر وفضح كل المخالفين في ظل القانون والمجتمع المدني والاحزاب وغيرهم".