عبير إمرأة سورية متزوجة من رجل لبناني وتعيش مع عائلتها في النبعة، المنطقة المعروفة بفقرها وبسوء أحوال سكانها، بحيث لا تختلف أحوال هذه العائلة عن بقية العائلات الموجودة في ذلك المكان. تكافح هذه المرأة وزوجها من أجل تأمين أفضل حياة لعائلتها إلا أن أحوال الدنيا ضاقت بها فلجأت الى طلب المساعدة من أجل تأمين تعليم أولادها الذي يحتاج الى مبالغ طائلة في هذه الأيام.

أرادت عبير إدخال إبنها الى المدرسة الخاصة إلا أن أحوال العائلة المادية لم تسمح بتأمين المبلغ اللازم من أجل دفع القسط ما دفع عبير الى طرق أبواب الجمعيات ككاريتاس وأوكيسيليا وغيرها طلباً للمساعدة. تشرح عبير أنها "كانت تسعى الى إدخال إبنها الى المدرسة الخاصة لا لأنها أفضل من المدارس الرسمية بل لكون المدارس الخاصة تراقب التلميذ أكثر وتتابعه عن كثب أكثر"، من هنا وبحسب ما تؤكد فقد قصدت العديد من الجمعيات ومنها كاريتاس و​أوكسيليا​ لتحصل على مساعدة وكان الجواب واحداً بأن الجمعيات تقدّم المساعدات للسوريين فقط. تقول عبير ممازحةً أنها "وخلال حديثها مع إحدى تلك المؤسسات أكدت لهم أنها سورية وبالتالي فإن هذا يمكن أن يسهّل الحصول على المساعدة إلا أن الجواب هو نفسه وأن المساعدات تأتي الى النازحين السوريين".

لا تقل أحوال العديد من اللبنانيين سوءًا عن أحوال النازحين السوريين فمسألة توافد أعداد هائلة من السوريين أثرت وبشكل كبير على الاقتصاد اللبناني وزادت نسبة البطالة، ولكن حادثة عبير تفتح الباب على عدة تساؤلات أهمها: لماذا تقوم الجمعيات بمساعدة النازحين السوريين متناسية اللبنانيين رغم أن أحوال الكثيرين منهم ليست بأفضل من هؤلاء وربما يكونون بحاجة الى المساعدة أكثر بكثير من السوريين. هنا يؤكد المسؤول عن كاريتاس الأب ​بول كرم​ أن "كاريتاس تساعد اللبنانيين لا السوريين فقط وكلّ مشروع تسعى الى أن يكون للبنانيين حصّة منه"، لكنه يشرح في نفس الوقت أنه "وفي بعض المشاريع يكون التمويل خارجياً وبالتالي فإن المموّل يفرض شروطه ولكننا ورغم ذلك نسعى الى أن يكون للبنانيين جزء منه".

يلفت الأب كرم الى أننا "منذ الأول من حزيران 2014 إعتمدنا سياسة إقتطاع 30 % من كل مشروع للبنانيين"، مشددا على أنه "اذا كان التمويل محليا يذهب كل المبلغ لمساعدة اللبنانيين أما إذا كان التمويل خارجياً فإننا نسعى الى اقتطاع قسم منه للبنانيين أيضا حتى لو اشترطت الجهات الخارجية ان يكون السوريون هم المستفيدون من الموضوع".

تشبه قصة عبير وزوجها روايات العديد من العائلات في لبنان التي تكافح وتجاهد من أجل تأمين كل الإحتياجات لأولادها وإبعاد شبح الفقر والعوز عن اطفالها عل الأحوال تتغير وتنتهي المأساة التي إزدادت مع توافد اعداد كبيرة من السوريين.