إستفاق اللبنانيون، صباح أمس، على عملية عسكرية إستباقية ونوعية نفذتها قوّة خاصة من مديرية المخابرات في ​الجيش اللبناني​، بالتعاون مع الوحدات العسكرية المنتشرة في بلدة عرسال، ضد مركز لتنظيم "داعش" الإرهابي في جرود البلدة.

هذه العملية، التي تؤكد على القرار الواضح والحاسم لدى المؤسسة العسكرية بالإستمرار في محاربة الإرهاب، تحمل في طياتها معلومات خطيرة عن تحضيرات لعمليات أمنية كان ينوي التنظيم الإرهابي تنفيذها في الداخل اللبناني، بالإضافة إلى أنها ستساهم إلى حد كبير في إنهاء ظاهرة التصفيات التي كان يقوم بها عناصره داخل عرسال، والتي شكلت تهديداً كبيراً على أمن أبنائها.

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن أمير "داعش" في عرسال أحمد يوسف أمون، الذي أصيب بجروح بليغة خلال العملية العسكرية، هو المسؤول الأول عن عمليات الإغتيال التي حصلت في البلدة في الفترة السابقة، والتي كانت تستهدف مواطنين وعناصر من الأجهزة الأمنية، وتلفت إلى أن هذا الأمر كان مصدر قلق لدى أبناء البلدة الذين كانوا يطالبون الدولة اللبنانية بالتدخل لمنع إستمرارها، وتضيف: "أمون كان يسيطر على مخيم كان من الممنوع على كافة المؤسسات الإغاثية الدخول إليه، وهو يعتبر من أبرز مسؤولي "داعش"، ومسؤول عن تأمين مختلف أنواع الدعم اللوجستي لهذا التنظيم".

وفي حين قادت العملية نفسها إلى أسر 11 عنصراً بينهم سوريون ولبنانيون، بالإضافة إلى أمون الذي أصيب بجروح بليغة، هم: عصام صديق، عبد الرحمن الغاوي، محمد الغاوي، حسام عاتكة، عكرمة عيوش، تهامي عيوش، عدنان فاضل، عبد اللطيف صديق، محمد أمون، علي أمون، توضح هذه المصادر أن الأخطر على هذا الصعيد هو أن هذه المجموعة كانت تخطط لإرسال سيارات مفخخة لتفجيرها بالداخل اللبناني، في مشهد يعيد إلى الأذهان العمليات الإرهابية التي كانت قد نفذت في السنوات السابقة بأكثر من منطقة، لا سيما في الضاحية الجنوبية ل​بيروت​ والبقاع الشمالي، وتضيف: "ما حصل في عرسال لم يكن عملية عادية، بل هو جزء من مسيرة طويلة على صعيد مكافحة التنظيمات المتطرفة، تثبت الأجهزة الأمنية فيها كل مرة قدراتها العالية وجهوزيتها الدائمة"، وتأمل أن تقود هذه التوقيفات إلى الحصول على المزيد من المعلومات الهامة، لا سيما بالنسبة إلى مصير العسكريين المخطوفين لدى "داعش" منذ معركة عرسال الأولى.

بالنسبة إلى المصادر نفسها هناك جملة من المعطيات التي ينبغي التوقف عندها بعد هذه العملية، أولها أن التهديدات الإرهابية لا تزال حتى اليوم كبيرة، ما يتطلب المزيد من الدعم إلى الأجهزة الأمنية من قبل كافة القوى السياسية، ثانيها أن إستهداف لبنان لا يزال على رأس قائمة أهداف التنظيمات المتطرفة، لا سيما "داعش"، وبالتالي من المفترض إبقاء هذا الأمر ضمن دائرة الحسبان، ثالثها ضرورة إبقاء المؤسسة العسكرية بعيدة عن كل التجاذبات، التي تظهر بين الحين والآخر، بين الأفرقاء السياسيين، خصوصاً أن الأولوية الأمنية تتفوق على غيرها من الأولويات، نظراً إلى أن المطلوب إبقاء البلاد بعيدة عن الحريق المشتعل في المحيط الإقليمي، رابعها ضرورة البحث جدياً في خطة تنهي الحالة الشاذة القائمة في جرود عرسال، حيث أنها لا تزال تشكل التهديد الأكبر على الأمن والإستقرار الداخلي.

إنطلاقاً من هذه الوقائع، تثني المصادر المتابعة على المواقف التي أبدتها معظم القوى السياسية بعد العملية، لا سيما تلك الصادرة عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، بالإضافة إلى الدعم الذي قدمه مفتي الجمهورية الشيخ ​عبد اللطيف دريان​، وتعتبر أن هذا الأمر يساهم في تقديم بيئة إيجابية لتعامل الأجهزة الأمنية مع التهديدات الإرهابية، وتؤكد بأن هذا هو أهم سلاح في الحرب على الإرهاب، خصوصاً أن التنظيمات المتطرفة تسعى دائماً إلى إستغلال الصراعات الداخلية في الدول للنفاذ عبرها، على إعتبار أنها من الممكن أن تشكل بيئة حاضنة لعناصرها.

في المحصلة، تثبت هذه العملية أن الأجهزة الأمنية جاهزة لمواجهة أي تهديد جديد، لكن في المقابل يجب التنبه إلى أن التنظيمات الإرهابية لا تزال تضع لبنان على رأس قائمة أهدافها.