ما الذي يعيق تشكيل الحكومة ويؤخر ولادتها حتى الآن؟

ثمة خلفيات ودوافع تتحكم بمواقف بعض الاطراف تتجاوز الحكومة وقواعد تأليفها، الامر الذي أدى ويؤدي الى عرقلة العملية وإطالة أمدها.

ووفقا لقراءة مصادر سياسية بارزة فان الحسابات الانتخابية تندرج في اطار هذه الخلفيات، لا سيما على صعيد التحالف المرسوم بين التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» للاستحواذ على اغلبية المقاعد النيابية المسيحية.

من هنا، يحرص التيار العوني بعد انتخاب العماد عون رئىساً للجمهورية على زيادة حصة «القوات» في الحكومة، والتعامل معها كشريك مسيحي وحيد تكريساً للتحالف الانتخابي بحيث تكون الشراكة في الحكومة نسخة مطابقة للشراكة النيابية.

ومنذ البدء في مفاوضات الحكومة حاول الثنائي المسيحي استبعاد توزير باقي القوى المسيحية وخصوصاً تيار المردة وحزب الكتائب تحت عناوين عديدة اولها أنهما عارضا انتخاب العماد عون. ثم تراجعا، بسبب الضغوط التي تعرضا لها، الى مواقف اقل حدّة تتمحور حول العمل لتحويل مشاركة هذين الحزبين الى مشاركة رمزية وشكلية.

وتقول المصادر ان هذا الموقف المتصلّب يشكل احدى العقد الاساسية في وجه تشكيل الحكومة، خصوصاً بعد ان تسرّع الرئيس المكلف سعد الحريري بحجز الوزارات الاساسية والفاعلة للعونيين والقوات بسهولة نادرة لا توازيها طريقة تفاوضه مع الآخرين.

ووفقاً للمعلومات المتوافرة للمصادر فان الحريري الذي وعد «القوات» بوزارة الاشغال لم يستدرك بعد هذا الموقف، مع العلم أن حصتها الموعودة بالعدد والحجم تتجاوز حجم كتلتها مرتين.

وتضيف المعلومات انه منذ بداية التفاوض وحتى الآن حجز التيار الوطني الحر له بالاضافة الى الوزارتين السياديتين الخارجية والدفاع وزارة الطاقة، قاطعاً الطريق على الاخرين لا سيما الاطراف المسيحية الاخرى، مع الحرص اللامتناهي على حصة «القوات اللبنانية» الفضفاضة.

ويبدو أن الحريري قد سلّم قبل مراجعة كل الحسابات باعطاء الثنائي المسيحي مطالبهما، ما جعله يكتفي بعرض وزارة التربية للمردة وبالدوران في مناقشة مصير وزارة الاشغال التي يتمسك بها الرئيس بري وفق القواعد التي انطلق منها الرئيس المكلف اصلاً.

والى جانب الخلاف حول هذه الحقائب، يبرز التصعيد العلني وغير العلني الذي يمارسه الثنائي الشيعي ضد المسيحيين الآخرين الى حدود محاولات الاقصاء، وهو الاسلوب الذي لا يتناسب ابدا مع فكرة ومنطق تأليف حكومة الوفاق الوطني.

وبرأي المصادر السياسية ان هذه المواقف التصعيدية تجاه المسيحيين الآخرين صعّبت وتصعّب مهمة الرئيس الحريري، وتزيد من تعقيدات توزيع الحقائب.

وحسب المعلومات ايضا فان هذه الطريقة في التعاطي مع تشكيل الحكومة ليست موضع انتقاد من خصوم الثنائي المسيحي فحسب، بل ان اسلوب انحياز التيار العوني للقوات اللامتناهي اخذ يلفت نظر اطراف متعاطفة معه.

وفي ظل هذه الاجواء من الصعب التكهن بموعد ولادة الحكومة، لكن نتائج الأخذ والردّ حتى الآن لا توحي بانتهاء مرحلة التكليف قريبا.

اما الحديث عن احتمال اعلان الحكومة من دون التوافق مع بعض الاطراف لا سيما مع الرئيس بري فهو مجرد ارهاصات سياسية واعلامية في غير محلها، لان مثل هذه المغامرة ليست واردة عند احد لأن عواقبها خطيرة.