يحتفل المسيحيون في الخامس والعشرين من آذار بعيد بشارة ​مريم العذراء​ بعد أن جعل الله بطنها هيكلا لابنه الوحيد، فـ"أمة الرب الّتي اختارها من بين الأمم خضعت لمشيئته "وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا"(1)، وهو المخلص المنتظر.

"​عيد البشارة​ هو من أول الاعياد المسيحية وأهمها"، هذا ما يؤكده كاهن رعية مار زخيا-الفيدار ​الخوري طوني الخوري​، لافتا عبر "النشرة" الى أن "السبب يعود الى بتولية مريم التي حملت بالكلمة وليس من زرع بشري"، شارحًا أن "المولود من أحشائها هو إبن الله وليس نبي الله". في هذه الصورة يختلف المسيحيون والمسلمون الذين يعيّدون بدورهم عيد البشارة. إذ بحسب المدير السابق للأوقاف الاسلامية في دار الفتوى الشيخ ​هشام خليفة​ فإننا "نتفق مع المسيحيين على أهمية مريم إذ إن الله اصطفاها من بين كل نساء العالم وجعلها تحمل ابنها، ولكن الاختلاف بيننا يكمن في ثمرة ولادة المسيح أو عيسى ونقول بأنه نبي".

يعود الاب طوني الخوري الى الكلام الوارد في الإنجيل المقدّس والى بشارة مريم، ويشير الى أن "الله أرسل الملاك جبرائيل الى قرية في الناصرة الى عذراء تدعى مريم وهناك نقل إليها البشرى بأنك ستحملين وتلدين يسوع المسيح"، لافتاً الى أنه "يرد ذكر إسم مريم العذراء في القرآن". هنا يشرح الشيخ هشام خليفة أن " القرآن اهتم بمريم ابنة عمران وبولدها عيسى، وقد ذكر تفاصيل دقيقة عنها وعن والدتها التي هي إمرأة عمران والتي نذرت ما في قلبها ليكون محرراً لله وليتفرغ للعبادة"، موضحًا أنه "تمت ترقيتها في القرآن الى مرتبة لم تصلها أي إمرأة أخرى عندما قال لها "يا مريم اني فضّلتك من بين نساء العالمين".

إذا التقارب كبير بين الديانتين المسيحية والاسلامية في مفهوم عيد البشارة، فمريم لدى المسيحيين هي العذراء الممتلئة النعمة، وهي في القرآن المصطفاة من بين نساء الكون، بحسب ما يشير الاب طوني الخوري، ومضيفاً: "في الإنجيل تشير مريم بإستمرار الى إبنها يسوع المسيح وتعتبره الهدف وتقول "اذهبوا وقولوا له"، وهذا تأكيد لأن "هذه الصورة ظهرت بشكل واضح في عرس قانا الجليل عندما قالت أيضا "افعلوا ما يأمركم به".

يشدّد الشيخ هشام خليفة على أن "التوحّد حول عيد البشارة بين المسيحيين والمسلمين هو دليل تلاقي اللبنانيين على مختلف أطيافهم". وفي السياق ذاته يشير الخوري طوني الخوري الى أن "إحتفال المسيحيين والمسلمين بهذا العيد يظهر وكأن مريم العذراء تقربنا بعضنا من بعض، ليكون هذا العيد مساحة للحوار والتلاقي والتفكير معاً للوصول الى أهداف مشتركة وهي الحوار والتفاعل والسلام".

في النهاية يعتبر هذا العيد واحداً من أهمّ الأعياد التي يحتفل بها المسيحيون والمسلمون، وتبقى مريم العذراء هي الأم الحنون الّتي تجتمع الأبناء حولها مهما اختلفوا فكريًّا!

(1) يوحنا 14:1