لا تعتبر قضية المهجرين إلا واحدة من "المآسي" التي باتت بحاجة الى معالجة سريعة ونهائية، إذ لا يعقل بعد مرور 27 عاماً على إنتهاء الحرب اللبنانية، أن يبقى هذا الملف جرحاً ينزف في خاصرة الدولة، وهو تحوّل مع الوقت من جرح معنوي أصاب أهالي الجبل الى جرح مالي أصاب الدولة في الصميم.

وبعد مرور كل هذا الوقت لا تزال ملفات مهجري الجبل عالقة في أدراج الحكومة لدرجة أن كثيرين ممن أصابهم التهجير نسوا هذه المسألة وفقدوا الأمل في إيجاد حل لها، ولكن اليوم ومع إستلام رئيس الحزب الديمقراطي طلال إرسلان وزارة المهجرين عاد الحديث عن هذا الملف من بوابة الإقتراح الذي يعدّه الأخير وينوي تقديمه الى مجلس الوزراء ينهي فيه القضية خلال أربع أو خمس سنوات، وبالتالي ما يؤدي الى اقفال الوزارة، إلا أنه سبق مشروعه بطلب سلفة خزينة بلغت حوالي 60 مليار ليرة لدفع التعويضات. وهنا يشرح المدير العام لوزارة المهجرين أحمد محمود عبر "النشرة" أن "الوزارة كان يجب أن تقفل منذ أكثر من عشرين عاماً، ولكن إجتمعت الدول الداعمة للبنان سابقاً وقررت تحويل أربعة مليارات دولار لاعادة اعمار ما تهدم ولكنها لم تفِ بالتزاماتها ولم يصل من المبلغ أيّ شيء فقررت الدولة أن تمول العودة منها وضمن الامكانيات المتاحة"، مشيراً الى أن "إرسلان وباقتراح القانون الذي يعده قام بخطوة متقدمة نحو اقفال هذا الملف طبعاً بعد تأمين الإعتمادات المطلوبة لأن هناك الكثير من الحقوق للناس وعلينا دفعها"، ومشدداً في نفس الوقت على أن "الأمر يحتاج الى توافق كافة القوى السياسية حوله".

النائب في تكتل "التغيير والاصلاح" الآن عون والمتابع لقضية المهجرين يرى في إقتراح ارسلان خطوة استراتيجية، مثنياً في حديث لـ"النشرة" عليها "التي إعتبرها صائبة"، مؤكداً أنه "بعد الإنتهاء من ملف مهجري الجبل عملياً نكون إنتهينا من القضية ككلّ".

أحمد محمود يضع علامات إستفهام عدّة حول رغبة الدولة في طريقة إقفال الملفّ: فهل تريد البقاء على نفس المعيار لدفع التعويضات؟، لافتا الى أنه "في العام 1993 سعّرنا إعادة اعمار الوحدة السكنية (150 مترا مربعا) بأربعة وثلاثين مليون ليرة ويومها أعطينا المهجّر ثلاثين مليوناً ليبني المنزل على أن يدفع أربعة ملايين من جيبه وهذا ما كان يفعله الاسكان أيضاً، أما حالياً ومع غلاء أسعار الشقق ومواد البناء، بات الاسكان يدفع مئتي وسبعين مليون ليرة أما نحن لا زلنا ندفع ثلاثين مليون ليرة، فهل هذا يجوز"؟!.

بحسب الآن عون فإن "وزارة المهجرين قامت على أساس عودة المهجرين الى الجبل بعدها تمّ توسيع الملف ليشمل الترميم المنجز لمتضرري الحرب في لبنان". هنا يشير أحمد حمود الى وجود "ألف وستمئة طلب مقدم من مختلف القرى مثل نبحا والقاع وبرقا وغيرها من البلدات المتضررة، فماذا نفعل بها؟!". في هذا السياق ورداً على هذه التساؤلات يعتبر الآن عون أن "مشكلة باقي البلدات في لبنان يمكن أن تهتم بها الهيئة العليا للإغاثة أو معالجتها مع بعض الوزرات، لكن لا يجوز بعد ثلاثين عاماً على الحرب أن يكون لدينا وزارة مهجرين وكأننا نعترف بوجود مهجرين في لبنان"، ويلفت الى أن "اقفال الملف بالجبل يجب أن يكون مرفقاً بإستكمال المصالحات وتطوير البنى التحتية في القرى لتتمكن الناس من العودة الى قراها".

في المحصلة يستفيق المعنيون في ملف مهجري الجبل على إيجاد الحلول مع تغيير الحكومات، ولكن ومنذ ثلاثين عاماً لم يجد طريقه الى الحلّ، فهل يتمّ إقفال وزارة المهجرين في هذا العهد والإنتهاء من جميع الملفات العالقة؟!