28 يوماً مرّت على وقف الاشتباكات المسلحة في عين الحلوة. حال المخيم قبل الاشتباكات يشبه ما بعدها. المطلوبون يسرحون على هواهم، وحركة فتح عاجزة، فيما القوة الأمنية المشتركة تسير في حقل ألغام. إلى متى تصمد الهدنة؟

بلال بدر حرٌّ طليق، يتنقّل من منزلٍ إلى آخر بين الصفصاف والرأس الأحمر في مخيم عين الحلوة. حقيقةٌ لا يمكن أن يغيرها شيء، رغم الحرب العسكرية والإعلامية التي شنّتها حركة فتح للقضاء على الإسلامي الأصولي المكنّى بـ «أبو مالك». حدود الأحياء افتراضية هنا. تُرسم وتُمحى تبعاً للحدث الأمني.

إيقاع التطورات يفرض نفسه لاعباً أساسياً على ساحة الشتات في عين الحلوة. بالنسبة إلى الأجهزة الأمنية، كأنّ جولات القتال الأخيرة لم تكن. لم يزل الشاب المتشدد حيّاً وحُرّاً، وعليه، يعني ذلك أن ما قبل اشتباكات عين الحلوة بقي يُشبه ما بعدها. هدوء هشّ عرضة للاهتزاز في أي لحظة. تلك مسلّمة أيضاً، بما أن موازين القوى لم تتغير. إلا أن تعديلاً واحداً فقط طرأ على المعادلة يتمثّل بانتشار القوّة الأمنية المشتركة في حي الطيري، حيث كان مربّع بدر. وهنا بيت القصيد. فهل تكون القوة المشتركة عاجزة كسابقتها؟ تساؤلٌ يجيب عنه قائد القوة المشتركة العقيد بسام السعد في حديث لـ«الأخبار» قائلاً: «انتشرنا في معظم النقاط الحسّاسة وعززنا القوة ليصبح عديدها 150 عنصراً عوضاً عن 100 عنصر. الوضع اليوم في المخيم مختلف كثيراً».

ويضيف: «زرنا لجان الأحياء، والجميع متعاون ولا يوجد أي عقبات». العقيد السعد الذي يتسلّح بتفاؤل استثنائي، يرى أن التحدي الأكبر يتمثل بإعادة أهالي المخيم الذين هُجِّروا بسبب الاشتباكات إلى منازلهم». أما بشأن مصير بلال بدر، فيقول العقيد: «الاتفاق كان واضحاً منذ البداية. بلال سيبقى مطلوباً للقوة الأمنية. وإن أوقفناه فسنُسلّمه للدولة اللبنانية». تفاؤل السعد ينعكس في كلام القائد السابق للقوة الأمنية المشتركة اللواء منير المقدح. يرى الأخير أن تجاوب فصائل المخيم مجتمعة أسهم في نجاح مهمة القوة المشتركة لحد الآن. لكنه يلفت إلى أن أي مطب أمني قد يعرض المخيم للخطر، إلا في حال إجماع الفصائل على موقف واحد. وحده العميد محمود عيسى المشهور بـ«اللينو» ينظر بتوجس إلى ما يجري، معتبراً أن «الفصائل أعادتنا إلى المربع الأول وعليها أن تتحمل مسؤوليتها». القيادي الفتحاوي ــ جناح محمد دحلان يرى أن «القوة المشتركة لا تزال في مرحلة اختبار». اللينو يؤكد أن «انتشار عناصر القوة المشتركة لم يحصل داخل حي الطيري، إنما على أطرافه فحسب»، مشيراً إلى أن «بلال بدر يتنقل بين الطيري والصفصاف بعلم الفصائل». اللينو في اتصال مع «الأخبار» قال: «نحن بانتظار استكمال انتشار القوة المشتركة كما يجب. وتنفيذ كل البنود، وتحديداً ملاحقة» مجموعة بدر. أما بالنسبة إلى الأجهزة الأمنية، فلا يزال مخيم عين الحلوة على حاله. رغم الضوء الأخضر الذي حظيت به حركة فتح من استخبارات الجيش، فإنّ موازين القوى لا تزال راجحة لمصلحة القوى الإسلامية. ترى المصادر الأمنية أنّ «عصبة الأنصار تحتضن بلال بدر»، معتبرة أنّ رفض تسليمه يحوّل المخيم الفلسطيني إلى مأوى آمن لمطلوبين يعبثون بأمن لبنان، من توفيق طه إلى شادي المولوي. لا يُستثنى منهم عناصر بارزة في تنظيم الدولة الإسلامية مثل عبد فضة وهلال هلال اللذين تواطأت بعض الفصائل لحمايتهما. وتعتبر الأجهزة الأمنية أن معظم الفصائل الفلسطينية متخاذلة لم تف بتعهداتها. وتتوافق المصادر الأمنية مع اللينو لجهة القول إنّ أحداً منها لن يجرؤ أن يسلم مطلوباً واحداً ممن ذاع صيتهم في عالم الإرهاب. لكن، رغم الهدوء السائد اليوم، المؤكد أن القوة المشتركة الوليدة، لا تملك قوة المواجهة كتلك التي يملكها من بيده تفجير الأوضاع في المخيم. فيما الامتحان الحقيقي أمامها يتمثل في توقيف بلال بدر. ولا دلائل تشير إلى أنها ستنجح باجتياز هذا الاختبار.