قد تكون الإصلاحات التي أقرت في قانون الإنتخاب الجديد (قانون النسبية في 15 دائرة مع صوت تفضيلي واحد في القضاء)، أهم بكثير من القانون الإنتخابي ككل وأهم من دوائره، كونها تؤمّن حقاً صحة التمثيل وتمنع عمليات الغشّ والضغط على الناخبين كما تضع حدّاً للتأخير في عمليات الفرز وإصدار النتائج.

أبرز هذه الإصلاحات، هي اللائحة المطبوعة سلفاً، ما يعني أن طبع اللوائح لم يعد مسموحاً بعد اليوم على الماكينات الإنتخابية والأحزاب والمرشحين، وكذلك توزيع اللوائح على الناخبين أمام قلم الإقتراع وفي داخله كما كان يحصل سابقاً. هي لائحة تطبعها وزارة الداخلية قبل الإنتخابات وتحديداً بعد إنتهاء المهلة المعطاة للتصريح عن اللوائح، وعليها تقسّم أسماء المرشحين مع صورهم بحسب اللوائح التي ينتمون اليها، مع تخصيص مربّع الى جانب كل لائحة وآخر الى جانب كل مرشح، فيضع الناخب إشارة على المربع المخصص للائحة التي يريدها وإشارة أخرى على المربع المخصص للمرشح الذي يريد إعطاءه صوته التفضيلي. وبهذه العملية، لن تتمكن بعد اليوم الماكينات الحزبية من توزيع لوائح مُعلّمة على العائلات، ومن تهديدها بالمحاسبة وحجب الخدمات عنها إذا لم تظهر لوائحها المعلمّة في صناديق الإقتراع.

من الإصلاحات المهمة أيضاً في القانون الجديد، البطاقة الإنتخابية الممغنطة، التي تعطّل الكترونياً عند إستعمالها، وبالتالي، تمنع أي ناخبة تزوجت من الإقتراع مرتين، مرّةً في بلدتها ومرةً أخرى في بلدة زوجها إذا لم يُشطب إسمها عن لوائح الشطب حيث كانت مسجّلة قبل الزواج، كل ذلك لأن البطاقة الممغنطة تسمح تقنياً بعملية إقتراع واحدة.

وبما أن اللوائح التي ستعتمد ستطبع سلفاً، لن يكون فرز الأصوات إلا الكترونياً وبالتالي، لن تتأخر عمليّة فرز الأصوات وإصدار النتائج كما كان يحصل في السابق، لأن عامل السرعة في قراءة أسماء كل لائحة بين موظف وآخر لم يعد موجوداً، إذ أن ماكينات "السكانر" الموصولة على أجهزة الكمبيوتر والمزوّدة ببرامج عدّ الأصوات، لا تختلف سرعة الواحدة منها عن سرعة الأخرى إذا كانت من الجيل عينه. وفي هذا السياق، يكشف، خبير إنتخابي، أن مركز الإقتراع الذي يضم حوالى 30 صندوقاً، وفيه إقترع حوالى 12000 ناخباً، بحاجة فقط الى 3 أجهزة سكانير للفرز، وفرز الأصوات عبر هذه الأجهزة لن يستغرق أكثر من ساعة واحدة فقط كحدٍّ أقصى. أضف الى ذلك فهامش الخطأ بعدّ الأصوات الذي كان محتملاً في الفرز العادي، سيسقط في الفرز الإلكتروني، لأن الأجهزة المعتمدة لا يمكن أن تخطئ وقد أثبتت فعاليتها في لبنان خلال السنوات الأخيرة في إنتخابات نقابات المهندسين والصيادلة والأطباء.

إذاً الإصلاحات أهم بكثير من القانون، هذا ما ستثبته الإنتخابات المقبلة، وهذا ما سيشعر به الناخبون عندما يتخلصون من الضغوط التي كانت تُمارس عليهم، وما ستلاحظه الأحزاب لجهة أهمية الفرز الإلكتروني لناحية السرعة في إصدار النتائج.