لن يمر لقاء مجموعة العشرين الذي يعقد في 7و8 من الشهر الجاري في مدينة هامبورغ الألمانية دون لقاء قمة أعد له بين الرءيسين الاميركي ​دونالد ترامب​ والروسي فلاديمير بوتين

فاللقاء الاميركي - الروسي هو الاول بين الرئيسين اللذين يتمتعان بمزاج يرخي بتداعياته على سياسة بلاد كل منهما الداخلية والخارجية ،عدا أنهما يبادرنا في اتخاذ قرارات تقارب حافة الهاوية، وهو الامر الذي يدفع بالدبلوماسيين الغربيين لمتابعة هذا اللقاء لان كل من الرجلين يسعى لتحقيق مكاسب منذ الاجتماع الاول.

فترامب سيواجه بوتين على انه رئيس مقدام ولا يتردد مقارنة مع سلفه باراك اوباما الذي افقد الولايات المتحدة الأميركية دورها في الشرق الاوسط بما حدا للتمدد الروسي -الإيراني والحفاظ على الرئيس السوري بشار الاسد، ولذلك يحمل ترامب في جعبته رصيد عسكري يتمثل بقصفه السابق للقاعدة السورية التي اطلق منها السلاح الكيماوي في إشارة مفادها بان واشنطن موجودة وقادرة على استرجاع دورها وحضورها متى ارادت وهي ليست خارج المعادلة التي أوصلها اليها المتردد اوباما.

كما يحمل ترامب رصيدا سياسياً قوامه تحالفه مع العالم العربي والسني على ما دلت قممه في السعودية وما تبع التفاهم مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز من اتفاقات عززت العلاقات الأميركية مع هذا المجتمع الاسلامي

وبعيدا عن ساحات الكباش في أوروبا الشرقية بين واشنطن وبين موسكو وضغط العقوبات الأميركية على روسيا، فان بوتين في قناعة الدبلوماسيين الغربيين يحمل اوراقا رابحة ايضا فيما خص حلبة الشرق الاوسط او تحديدا سوريا نظرا لموقعها الاستراتيجي في مفهوم الامن القومي الروسي، اذ هو حتى حينه ربح معركة الحفاظ على الاسد وتأمين مصالح بلاده العسكرية والاقتصادية وبات شريكا في التسوية المرتقبة.

لا بل عمد الجانب الروسي لإظهار حمايته للاسد باعلانه منذ نحو عشرة ايام عن استعداده للتصدي للضربات الأميركية اذا ما اراد اعتماد اي عمل عسكري استباقي ام عقابي اذا ما استعمل الجيش السوري الأسلحة الكيماوية، وان كانت اتهامات ترامب اعادت الى الاذهان ادعاءات سلفه جورج بوش وفريق ادارته تجاه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بامتلاكه أسلحة كيماوية تحضيرا لاجتياح العراق وتبين لاحقا عدم توفر الأسلحة بشهادات الاستماع في واشنطن ولندن.

اذا سوريا ستكون حاضرة حكما في قمة ترامب -بوتين ولا مؤشرات سابقة بان الخلاف مرتقب بين الرجلين حول معالجة ازمتها طالما الهدف الأساسي والمشترك هو إنهاء تنظيم داعش الإرهابي كما حصل في العراق بشكل اوسع من سوريا، لكن رغم تهديدات ترامب وما يترتب عنها من حذر او ترقب، يسجل عليه حتى حينه عدم ذهابه حتى النهاية في ترجمتها على ما حصل على الحدود العراقية -السورية من زاوية رفض واشنطن للتواصل العسكري -الميداني بين قوات الاسد وحلفائه وبين الحشد الشعبي العراقي ، بعد ان كانت عبرت عن ذلك بقصفها للجيش السوري ابان تقدمه نحو منطقة التنفيذي لرفضها اكتمال الهلال الشيعي، كترجمة للتضييق على ايران التزاما بالتحالفات الأميركية مع العالم العربي - السني.

وفي ظل هذا الترقب الدبلوماسي ثمة قناعة أميركية - روسية بان أيا من البلدين لا يستطيعان ان يتفردا بكل الأزمة السورية والاستفادة من مرحلة ما بعد الحرب على اكثر من قطاع ،ولذلك كان حراك جس النبض الذي باشره وزير الخارجية الاميركي هنري كسينجر على خطى إدارة ترامب -بوتين لعلمه بفلسفة ترسيم حدود الصراعات والمصالح التي أرساها في العام 1973 بين اسرائيل وبين حافظ الاسد ولا تزال قائمة حتى حينه.

ومن غير الطبيعي في الزمن الحاضر ان يأتي الحل نتيجة حراك أكاديمي لكسينجر «92» عاما، لكن الرجل في منطق الدبلوماسيين قادر ان يتفهم كل من المصالح اليهودية - الإسرائيلية، هجمة ترامب الاستلحاقية في المنطقة، الاستراتيجية الروسية في سوريا، التمدد الإيراني وبقاء الاسد من الزاوية العلوية - الأقلية.

وبذلك لا يصل ترامب وبوتين الى القمة كل على سلاحه بل سيجدان حسابات تناقض مصالحهم من حلفاء كل منهما وعليهما مراعاتها نظرا لتأثيراتها الوجودية بما سيؤدي لبقاء الأزمة السورية على حاله طالما لم تسجل واشنطن مكسبا عسكريا يمكنها ان تتقدم على الآخرين في فرض تصورها للحل وليس شروطها ...