مع عودة رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ من اجازته القصيرة في الخارج، تعود الحركة السياسية بزخم قوي من باب محاولة تنفيذ ما اتفق عليه في «لقاء بعبدا» وعنوانه تفعيل العمل الحكومي والبت في القضايا الحياتية والمعيشية للناس في اسرع وقت، على أن يتزامن ذلك مع ورشة تشريعية من المقرر ان تنطلق مع بداية الاسبوع المقبل من خلال جلسة تشريعية سيدعو اليها الرئيس بري بعد ان يتفق وهيئة مكتب المجلس على جدول اعمالها في الاجتماع المقرر اليوم في ​عين التينة​، وهذا الجدول سيتضمن وفق المعلومات ما بقي من بنود على جدول اعمال الجلسة العامة الأخيرة اضافة الى مشاريع واقتراحات قوانين ملحة منجزة في اللجان المختصة، على ان تكون سلسلة الرتب والرواتب للموظفين والعسكريين هي الأولية، وستتم مناقشتها من حيث كانت قد انتهت اليها المناقشات في الجلسة الاخيرة التي كان يناقش فيها مشروع السلسلة. وتجري لهذه الغاية سلسلة من الاتصالات والمشاورات لتأمين المرور الآمن لها في الجلسة بعد ان ظهرت في الايام الماضية مواقف تشي باستمرار وجود عقبات مالية تحول دون ولادة «السلسلة»، في مقابل اصرار حرص واضح من رئيس المجلس على اقرار هذه السلسلة في تموز الحالي.

وفي سياق الورشة التشريعية التي سيطلق الرئيس بري اليوم صافرة انطلاقتها الاسبوع الطالع يبقى مشروع ​الموازنة​ العامة لهذا العام الموضوع الأساس الذي يحدد مسار ومصير المشاريع التي تنتظر في الادراج أو تلك المتوقفة بفعل غياب التمويل.

وقد تناول الرئيس بري امام زواره بعد عودته من الخارج هذا الموضوع وعلى وجه الخصوص ما حكي عن امكانية تعليق المادة «87» من الدستور التي تنص على التالي: «إن حسابات الادارة المالية النهائية لكل سنة يجب ان تعرض على مجلس النواب ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية التي تلي تلك السنة وسيوضع قانون خاص لتشكيل ديوان المحاسبة»، وذلك لاتاحة الفرصة امام اقرار الموازنة بعد استحالة تقديم الحكومة قطع الحسابات للموازنة السابقة.

وأكد الرئيس بري لزواره ان لا علم له بهذا الطرح وانه سمع كما غيره عن هذا الامر من الاعلام وقال: اذا كان المقصود تعليق هذه المادة لمدة محددة ويعود العمل بها بعد قضاء الحاجة من التعليق فإننا نناقش هذا الطرح من دون ان يعني ذلك اننا معه، ولكن سبق ان اقرت موازنات عامة بعد ان كان يتحفظ المجلس الى حين ان تأتي الحكومة بقطع الحساب، وهذا السيناريو يمكن ان يتكرر للخروج من هذه الازمة والانصراف الى التعويض عما فات من تنفيذ المشاريع الحياتية والمعيشية للمواطنين.

هذه الورشة التشريعية الواعدة والتي تشكل قوة دفع للحكومة للقيام بما يتوجب عليها القيام به من الآن الى أن يحين موعد الانتخابات النيابية في حزيران المقبل، ستقابل حتماً بمحاولة لتفعيل العمل الحكومي، وستكون باكورة هذا التفعيل مقاربة ​التعيينات الادارية​ من باب الآلية التي يجب ان تتبع لنفض الغبار عن هذا الملف، وهو ما سيبحثه مجلس الوزراء في جلسته اليوم، حيث ظهر في اليومين الماضيين انقسام وزاري حول هذه الآلية بين فريق ينادي بالغاء هذه الآلية وفريق يدعو لاعتمادها في حصول هذه التعيينات، وهي ما تزال صالحة وتؤمن التمثيل لجميع القوى السياسية.

وفهم من اكثر من مصدر بأن مسألة تعديل الآلية من الصعب ان يمر اليوم كون ان هناك غالبية وزارية ترفض هذا التوجه، وفي حال طرح الامر على التصويت فإن وزراء «امل» سيصوتون ضد تغيير الآلية على حد ما قاله الرئيس بري امام زواره، وهذا يعني ان هذه الآلية ستكون بمثابة الامتحان لما اتفق عليه في «لقاء العشرة» في قصر بعبدا، مع الاشارة الى ان مجلس الوزراء كان أقر في الثاني عشر من نيسان من العام 2010 آلية التعيينات. وقد أقر آلية ومعايير التعيين في الفئة الاولى وذلك باعطاء الاولوية للتعيين من داخل الملاك للموظفين من الفئة الثانية الذين يستوفون الشروط وفي حال تبين ان العدد لا يكفي يعين من خارج الملاك. كما أقر المجلس آنذاك ايضاً آلية التعيين من خارج الملاك لجهة تجديد التعيين او التمديد أو التغيير. وأقر المجلس آلية التعيين من الفئة الثالثة إلى الفئة الثانية.

ووفق المعطيات ان مناقشة هذا البند اليوم سيأخذ جدلاً واسعاً وان اتصالات ستنشط في ساعات الصباح التي تسبق موعد الجلسة في محاولة لابعاد أي عملية تفجير داخل مجلس الوزراء، من دون ان تبرز أي معطيات تفيد بإمكانية حصول تفاهم حول توجه واحد موحد حيال آلية التعيينات مما يبقى مصير هذه الآلية مفتوحاً على كل الاحتمالات، وقد برز موقف لمصدر وزاري اكد ضرورة ان تبقى هذه الآلية على ما هي عليه في الوظائف الاولى في الادارات من اجل توحيد المعايير التي سيتم على اساسها اختيار الاسم، واعطاء فرص متساوية لاصحاب الكفايات لكي يتقدموا الى هذه الوظائف.