لا ثقة ​لبنان​ية بالاصلاح السياسي. لو أجريت إحصاءات حول هذا العنوان، لجاءت النتائج تعكس حالة القرف التي يعيشها اللبنانيون. لم تعد تنطلي الشعارات على أحد، ولا الحديث عن ​مكافحة الفساد​. اللبنانيون يريدون خبزا لا قتل الناطور. أين الاصلاح؟ أين محاربة الفساد؟ هل ​المحاصصة​ الطائفية والمذهبيّة إصلاحا؟ هل مشروع نسف آلية التعيينات إصلاحا؟ هل الخطابات الطائفية والمذهبية تقدّماً؟ أين الوعود؟ كيف ومتى يُترجمها أصحابها؟ لا يهم المواطنين الهوية الطائفية للمدير أو المسؤول بقدر ما تعنيهم كفاءته ونظافة كفه وطريقة عمله وخدماته وحُسن ادارته. لا يهم إن كان بوذيّاً أو مسلماً أو مسيحياً. المواطن يحتاج للرعاية الصحيّة أولا، بغضّ النظر عن عقيدة المسؤول الدينية والسياسية. المواطن يحتاج لتأمين حاجاته، من دون التوقف عند هوى المدير والمسؤول سياسيا وطائفيا. المواطن يحتاج لتأمين لقمة عيشه، سواء كان موظفا او عاملا او مزارعا او صناعيا او تاجرا بسيطا. لا يهم عنده انتماء صاحب المعالي او السعادة او السيادة. لماذا يهتم بإنتمائه الطائفي او السياسي؟ ما الفائدة؟.

لعبة الطائفية باتت الآن أخطر مما كانت عليه على مسافة التاريخ اللبناني القديم والحديث. يزداد التعبير في الشارع عن ألم جرّاء الخطاب الطائفي الّذي وصل الى حدّ اعتماد المقياس المذهبي على كل فئات الوظائف. لا الدستور ولا العُرف ينص على ذلك المقياس. الخشية مستقبلا من ردة فعل شبابية تطيح بتلك المعادلات بالقوة والمنطق.

لم يسبق أن مر لبنان بجمود اقتصادي كما يمر الآن. صحيح ان الوضع الامني مضبوط. لكن الوضع المعيشي مأساوي. محال تجارية تقفل ابوابها. لا استثمارات ولا سياحة، ولا قدرة شرائية عند المواطنين. ازداد الهدر من دون تأمين مداخيل مالية حيوية. عجز سياسي عن احداث نهضة على كل المستويات. انشغال بعناوين فضفاضة لا تثمن ولا تغني عن جوع. الأسوأ ان لبنان لا يزال بعد اكثر من خمس وعشرين سنة على نهاية الحرب عاجزا عن انشاء معامل لتوليد ​الطاقة الكهربائية​. بينما ​سوريا​ تتحضر لتدشين معملين جديدين في ظل حرب عاصفة تدور فيها منذ سبع سنوات. مفارقة لافتة تفرض على المواطنين في لبنان الخجل مما وصلت اليه حال بلدهم. هل يعقل ان سوريا تبني خلال الحرب الاخطر في المنطقة معامل كهربائية وتستعد لتزويد لبنان بمزيد من الطاقة، بينما يعجز لبنان في زمن السلم عن إنتاج الكهرباء ويستعين بالبواخر؟. هذا وحده كاف لفقدان اللبنانيين الامل بأي إصلاح. هل يسمع المسؤولون كلام المواطنين. هل تصلهم الاصداء؟ اذا كانوا يعتقدون ان الخطاب الطائفي يكفي لشحن الناس، فالمواطن لم يعد مخدوعا. صار الايمان اكبر بدولة مدنية والغاء ​الطائفية السياسية​. وليأت من يستحق لأي ادارة او منصب لخدمة الناس. الجمر تحت الرماد. فليحذر السياسيون. قد تشكل الانتخابات مساحة للمحاسبة خصوصا في ظل ​قانون النسبية​ والصوت التفضيلي.